المعجم اليمني

أبس

أ ب س

تعريف-1: الآبسُ في لهجاتٍ جنوبيّةٍ منها المعافريّة: اليابس، يقال فيها: أبسَ الزّرعُ ـ مثلاً ـ يأبَس فهو آبس، ومأبوس ومؤبِّس، وهذه الأخيرة جاءت في العفويّ قالت إحداهنّ: باللهْ عليك وابَرْقْ وامُغَلِّسْ الزّرْعْ في واديْ (حَزَنْ) مُؤَبِّس فهذه ـ كما يبدو ـ زوجةٌ مفارقةٌ لزوجٍ مغترب ـ وفي هذه المنطقة يكثر المغتربون ـ وقفت على وادٍ اسمُه وادي (حزن) فذكّرها أحزانها، وشامت عند الغروب برقاً لاح من بعيدٍ فذكّرها ببعد الحبيب، فغنّت مُحمِّلةً البرق رسالةً تشكو فيها حالها الجديب، رامزةً إليه بالزّرع الميبوس، والمُغلِّس منَ الغلَس وهو في اللّهجات اليمنيّة آخر النّهار، وقت اختلاط ضياء آخر النّهار بظلام أوّل اللّيل، عكس إطلاقه في القاموسيّة على وقت اختلاط ظلام آخر اللّيل بضياء أوَّل الصّبح. وهذه اللّهجات يكثر أن تستبدل بالألف المهموزة الواو والياء حرفيِ العلّة إذا جاءا في أوّل الكلمة، فتقول في الوسطى: الأُسطى، وفي اليتيم: الأتيم، ومنَ الأخيرة ينطقون اليتيمة بالهمزة، كما في المثل الّذي يقولون فيه: (حِسْدوا الأتيمة على كُبْرِ اسْتها)؛ أي: عجيزتها على الأصل، انظر (س ت ه) أي إنّ اليتيمة مظلومةٌ محرومةٌ، حتّى إذا رُزقت بعض مظاهرِ الحسن حسدوها عليه، وودّوه لأنفُسهم وحرمانها منه، كما ينطقون اليتيم بالهمز في مثل قول الحكيم عليّ بن زايد، الّذي يقرؤونه: يقُوْلْ عَليْ وَلْدْ زايدْ يا رحمتاه للأتِيْما حَلَقْتْ ما حَّدْ تِكَلَّمْ والشّيخْ قالوا: نَعِيْما ولهذا الاستبدال نظائرُ في لغتنا العربيّة وقواميسها، مثل الألل في اليلل، وهو انعطاف الأسنان على غار الفم، والآفوخ في اليافوخ، ويقال للولادة المنكوسه: الأتن والوتن واليتَن … إلخ. استطــراد 3 وعند أوّل استشهادٍ بمقُولةٍ شعريّةٍ من مقولاتِ الحكيم اليمنيّ عليّ بن زايد، يحسن أن تدوّن حولها الملاحظات الآتية: (1) الفلّاحون في المناطق الوُسطى الحِمْيَريّة وفي ما شابهها منَ المناطق غيرِ البدويّة؛ أي الّتي يغلب عليها الطّابع الحضريّ ـ وإن كان لها طابعٌ قبَليٌّ ما ـ لا ينظرون إلى (أقوال) ابن زايدٍ بعدّها محض آراءٍ شعريّةٍ يغلب فيها الذّاتيّ على الموضوعيّ، بل يعدّونها خلاصةً مركّزةً للتّجارب الشّعبيّة منذ القدم، والّتي بلورتها الخبرة العمليّة، ومحّصتها الممارسة الطّويلة، حتّى أصبحت منَ الحقائق الصّحيحة الّتي تُعْتمَدُ ويُعتَمدُ عليها في المجالين الزّراعيّ والاجتماعيّ بصفةٍ خاصّة، فكأنّها نظرياتٌ علميّةٌ وضع مقدماتِها منطقُ الحياة العمليّة، واستنبطت نتائجها النّهائيَّة المنطقيّة تجاربُ العمل وأساليبُ الاستبعاد والاستبقاء، والحذف والإضافة، والتّعديل والتّصويب حتّى استقرّت على الوضع المنطقيّ السّليم في ترتيب المقدّمات والصّحيح في استنتاج الحقائق، ولم يبقَ إلّا أن تُصاغَ صياغةً مركّزةً سهلةَ الحفظ والتّرديد، وما أجدرَ أن يكون الشّعر الّذي تختار كلماته بدقّةٍ ويمتلك هذا الإيقاع المحبَّب القابل والصّالح للإنشاد الإيقاعيّ، بل وللغناء ذي اللّحن المركّب والإيقاع المصنّف. ولهذا فإنّهم إن سمّوها (أقوال) قرنوها (بالحكيم) مضافةً إليه فيسمّونها: (أقوال الحكيم بن زايد)، ولكنّ الأحبّ إليهم أن يعتبروا كلّ (قول) منها حكماً قانونيّا، له أدلّته الصّادقة وبراهينه القطعيّة الّتي على أساسها قال الحاكم: (وبهذا حكمت وجزمت) ولهذا يسمّونها بثقةٍ (أحكام ابن زايد). (2) الغالبيّة العظمى لأحكام عليّ بن زايد، ومعاصره وصديقه (حُمَيدْ بن منصور) لها وزنٌ شعريٌّ واحد، وهو ما أُطلق عليه بدءاً اسم (المجتثّ) أحد الضّروب العَروضيّة لـ(البسيط) وهو وزنٌ خفيفٌ سهلٌ للحفظ، تفعيلاتِ الشّطر منه هي (مستفعلين فاعلاتن).


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter