المعجم اليمني

بجم

ب ج م

تعريف-1: البُجْمَة: أحدُ جانبي الفم، يقال: ملأ فلانٌ بُجْمَتَه بالطّعام، إذا هو ملأها حتّى تتكوّر، وللفم بُجْمَتان، ومَن ملأهما فإنّه يُبجِّم على ما فيهما فيقال: بَجّم فلانٌ على ما في فيه فهو مُبَجّم: والمصدر: التَبْجيم، ولكنّنا نقول: البجّام، وهذه هي الصّيغة الغالبة لمصادر الأفعال المزيدة بالتّضعيف في لهجاتنا، مثل: كسّركِسّارا، وقطّع قِطّاعا، وقلَّب قلَّابا.. إلخ، وجاءت هذه الصّيغة المصدريّة من (بجّم) في قول إحداهنّ ممّا يُغنّى من العفويّ: آهْ يا امّاهْ مِنْ زَواجَةْ بَني العَمْ يَلهْ يَلهْ مِثلِ شِرْبَ السَّدَمْ وبِجّامْ على الدَّمْ يَلَهْ يَلَهْ وهذه زفرةٌ حارّةٌ من زوجةٍ يبدو أنّها عانت كثيراً من زوجها ابنِ عمّها، وحالتِ القرابة دون مخاصمته، فصبرت كما يصبر الظّمآن على شرب السَّدم؛ أي الماء الوبيء وضمّت فمها كما يضمُّه المقهور على ما صعد من جوفه منَ الدّم. والبُجْمُ: مَلءُ الفم حتّى انتفاخ الوجنتين من الماء خاصّةً أو من أيّ سائلٍ آخر. يقال: شربتُ بُجْمَ ماءٍ واحد، أو: خُذ لك بُجْماً من هذا الشّراب. وفلانٌ يَبْجُمُ بَجْماً في الأكل؛ أي: يأكل أكلاً شنيعاً فيملأ بالطّعام بُجْمَيْه أو بُجْمَتَيْه. والبَجْمَة ـ بفتحٍ فسكونٍ ـ في قصبة الذّرة الرّفيعة: السّنبلة وقد تكوّنت وانتفخت بين طيّاتِ الورق ولمّا تخرجْ بعد. والبَجْمَة اسمٌ مفرد، يقال: في القصبة بَجْمة، وجمعها: بَجْم، وهي اسمُ جمع؛ إذ يقال: الذّرة الآن في الحقول بَجْمَة؛ أي إنّ زرعها بلغ هذا المستوى منَ النّموّ، ويقال في شتّى مراحل تطوّر الذّرة الرّفيعة: هي الآن: عِزْيل٭ ثمّ سَلُوْقَة٭ ثمّ قَحِيْف٭ ثمّ عَاصِر٭ ثمّ بَجْمَة، ثمّ ثَلْبَة٭ ثمّ شُرُوْب٭ ثمّ جَهِيْش٭. استطراد كانتِ الذّرة البلديّة، قبل بضعة عقودٍ منَ الزّمن هي العمود الفقريّ لزراعة الحبوب وإنتاجها في اليمن، وكانتِ الأطعمة الّتي تصنع منها، هي الغذاء الرّئيسيّ للغالبيّة العظمى منَ اليمنيّين. ومنذ السّبعينيّات من هذا القرن بدأت أهمّيّة الذّرة في الانحسار رغم أنّ زراعتها لا تزال حتّى اليوم تشغل مساحاتٍ واسعةً منَ الأرض الزّراعيّة في عموم اليمن، ولكنّ الاعتماد عليها غذائيًّا قد قلّ إلى حدٍّ بعيد، ثمّ إنّ العناية الزّراعيّة بها، والجهود المبذولة في خدمتها من البداية إلى النّهاية لم تعد كما كانت قبل ذلك. ولا نستطيعُ أنّ نحدّد تاريخ ظهور زراعة الذّرة في اليمن، إلّا أنّ منَ الملاحظ أنّ نصوص المسند لا تهتمّ بذكرها كما تهتمّ بذكر البرّ والشّعير وغيرهما منَ المزروعات، بل إنّ كلمة (ذرة) لم ترد في أيِّ نقشٍ ممّا أعلمه حتّى الآن. وكتاب (المعجم السّبئيّ) لم يذكر هذه الكلمة وإنّما ذكر في مادّة (ج ذ ذ) كلمة (جذذت =جذذت= جذاذة) شارحاً لها بكلمة (ذُرَة) مشيراً إلى أنّها لم تذكر إلّا في العصور المتأخّرة (عصر التّوحيد الدّينيّ)، ومعتمداً على نقشٍ واحدٍ أشار إليه بأنّه ذكرها، وهو (سي/540/87) الّذي سجّله (شرحبئيل يعفر بن أبي كرب أسعد) بمناسبة تجديده لسدّ مارب في القرن الخامس للميلاد (432)م، وقد قرن أصحاب المعجم الكلمة بعلامة استفهامٍ ممّا يدلّ على شكّهم فيها، أو في قراءتها في الصّورة الفوتوغرافيّة أو الأصل()، هذا مع العلم بأنّ المواطنين في منطقة (قاع الحَقْلِ ـ سُرَّة مملكة حِمْيَر ـ) لا يزالون يسمّون ذلك النّوع الصّغير والثّانويّ الّذي يزرعونه في أراضيهم الّتي لاتسمح إلّا بذلك الصّنف من الذّرة باسم (جذارة) براءٍ بدل الذّال الثّانية، وأهل المناطق المجاورة الّذين يزرعون الذّرة طويلة القصب وارفة النّبات وافرة الغلّات، يسخرون من تلك الذّرة الّتي تزرع في (قاع الحقل) ويقولون عنها: «إنّ العَصْفَري يَحقِيْ منها وهو مِدْكي»؛ أي إنّ العصفور يلتقط حبّات سنابلها من أعلى القصب وهو متّكئٌ على الأرض لشدّة قِصَر نبتاتها. ولا عِبرة لإيراد أحمد شرف الدّين للكلمة في نفس النّقش بصيغة (ذرتم) فقد استبعدها الدّارسون لعدم دقّته في النّسخ، كما استبعدوها في نقشه رقم 8 لأنّ (ذرم ـ ذيرم) هي وصفٌ للسّقي غمراً بالسّيل. فكلمة (ذرة) لم تَرِد في النّقوش المسنديّة بوضوح، ممّا يشير إلى احتمال أنّه لم يكن للذّرة في مجال الزّراعة قديماً ما أصبح معروفاً لها فيما بعد منَ الأهمّيّة والمكانة الكبيرة. ومع هذا الانقطاع، في العمق التّاريخيّ لذكر الذّرة في النّقوش، فإنّه قد أصبح لها منَ الأهمّيّة فيما بعد ما ذكرت، حتّى إنّه يمكن القول: إنّه ما من محصولٍ زراعيٍّ خلّف في المجتمع اليمنّيّ ما خلّفته الذّرة على نطاقٍ واسعٍ منَ الأراضي اليمنيّة، فقد دخلت إبّان ازدهار زراعتها، في كيانه ووجوده غذاءً وعنصرَ وجود، وتغلغلت في حياته وعلاقاته الاجتماعيّة وعاداته وتقاليده بشتّى مظاهرها، وحولها نشأ الكثير من خبراته الزّراعيّة، ومن موروثاته، وفنونه الغنائيّة. وزراعة الذّرة من أشقّ الأعمال وأكثرها استهلاكاً للجهود والطّاقات، فمنَ المعلوم أنّ المزارع قبل بذر الذّرة، يقوم بعددٍ منَ الأعمال في حرث الأرض وتقليب التّربة إعداداً واستعداداً لبذرها. ثمّ إنّ معظم أنواع الذّرة تمكث في الأرض سبعة أشهرٍ كاملة، ويد الفلّاح لا تنقطع عنها، خدمةً لها، وعنايةً بها، منذُ بذرها، وحتّى حصادها.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter