المعجم اليمني

تهر

ت ه ر

تعريف-1: التَّهْر، بفتحٍ فسكون: البُخار الّذي فيه حرارة، من الحرارة الخفيفة الّتي لا تؤذي, إلى الحرارة الشّديدة الّتي تنضج اللّحم، فالبخار الّذي يتصاعد منَ الإناء عند بداية وضعه على النّار، هو تَهْر، والبخار المحتدم داخل القدر المضغوط والّذي يُطبخ به اللّحم، هو أيضاً تَهْر. والتَّهْر: كلمةٌ عريقةٌ أصيلة، فإذا كانتِ القواميس لا تذكرها، فإنّ أبا محمّدٍ الهمدانيّ قد استخدمها في كلامه وهو إمامٌ في اللّغة، وحجّةٌ فيما يأتي وما يدع من مفرداتها، ولم يذكرها نشوان بن سعيدٍ في شمس العلوم، وتركُهُ لها ولكثيراتٍ أمثالها مقياسٌ يقاس به منهجه الّذي التزم فيه بما التزم به اللُّغويّون غير اليمنيّين في قواميسهم، وعدم خروجه على هذا النّهج إلّا في القليل النّادر، مع أنّ كلمة التَّهْر كانت حيّةً قبل الهمدانيّ، وفي عهد الهمدانيّ، واستمرّت إلى أيّام نشوان، ثمّ واصلت مسيرتها فهي حيّةٌ مستعملةٌ على ألسنتا اليوم. أمّا مجيئُها في كلام الهمدانيّ، فإنّه أوردها بدلالتها على أخفّ الحرارة والرّطوبة فيما سمّاه (تَهْرَ الفم)؛ أي ذلك النّفس الدّافئ الرّطب الّذي يصعده الإنسان من صدره مسلِّطاً له على شيءٍ أمام فمه أو داخله، ليتكثّف بخار ذلك النّفس على الشّيء بغرض ترطيبه لتنظيفه أو لأيّ غرض؛ ثمّ ذكرها فيما هو أقوى فأقوى. قال الهمدانيّ لسان اليمن في مؤلّفه النّفيس (كتاب الجوهرتين) عند كلامه عن المدقّقين الحُذّاق من المشتغلين بسبك الذّهب: « فإذا بردت [القطعة] نَكَهَ عليها [الصّائغ] من تَـهْرِ الفم، ليدخل بين أعطافها النّدى، فيحول دون التصاق الأطباق، وتكون هذه النّكهة نَفْساً فيه شيءٌ منَ النّدى..» الجوهرتين:29 , 31 تحقيق المستشرق (كرستوفَرتول) وتحقيق العلّامة حمد الجاسر: 98. فهذا هو التَّهْرُ النَّديُّ في أدنى حرارته كما ذكره الهمدانيّ، وإذا كان رسم الكلمة عند (كرستوفَرتول) ثمّ عنه في بقيّة النّسخ هي، (نَهْر) بالنّون مكان التّاء، فما ذلك إلّا تصحيفٌ وقع فيه النّاسخ وتبعه الآخرون، وجاء في ذلك الأصل الّذي اعتمد عليه هذا المستشرق، ولا لومَ عليه في ذلك لأنّه لا يشترط عليه أن يكون عالماً باللّهجات اليمنيّة لكي يصحّحها ويشرحها؛ إذ إنّ الكلمة غيرُ موجودةٍ في القواميس العربيّة وهي مرجعه. أمّا أعلى درجات التَّهر حرارةً فإنّ الهمدانيّ تكلّم عنه في كتابه (الإكليل: 8/219) تحقيق العلّامة محمّد بن عليٍّ الأكوع، حيث تحدّث الهمدانيّ عن عنصريِ النّار والهواء وعن نظريّة الاحتراق، وكيف أنّ النّار لا تستمرّ في الاشتعال إلّا إذا ظلّ الهواء يمدّها بما سماه (النّسيم ـ الأكسجين) أمّا إذا انقطع إمدادها بالنّسيم فإنّها تنطفئ، وضرب لذلك عدداً من الأمثلة منها ما هو تجريبيّ، حتّى قال ـ وذكر التَّهْر: « … ومن ذلك أنّ التّنُّورَ تُسْجَر للهريس، والفُرنيِّ، والمشويّ منَ الحمْلان، والجواذب، ويكثر جمرها، فإذا خُتم عليها، طفئت النّار، ولم يبقَ النّضج إلّا بالتَّهْر، فإذا فتحتَ لم تجد نارا، ولم تجد إلّا حرارة التَّهْر». فهذا هو التَّهْر بحرارته الشّديدة الّتي تنضج الذّبائح وبعض أنواع الطّعام، ووضع العلّامة الأكوع ـ وهو العليم بلهجات أبناء شعبه ـ حاشيةً لشرح الكلمة فقال: « التَّهْر، بفتح التّاء المثنّاة من فوق وسكون الهاء آخره راء: البخار النّاتج من حرارة النّار». وفي تصريفاتها نقول: تَهّرَ الماء المغلَّى، أو تَهَّرَ الطّعام الّذي طبخ يُتَهِّرُ تِهّاراً وتِهّارةً فهو مُتَهِّر. وتؤنّث كلمة التَّهر فيقال لها: التَّهْرَة.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter