المعجم اليمني

حمر

ح م ر

تعريف-1: حِمْيَر منَ النّاحية الاجتماعيّة مُصْطلحٌ اجتماعيٌّ وَصْفيّ, أطلقهُ اليمنيّون القدماء , على كلّ جماعةٍ منَ النّاس, تجاوز أبناؤها مراحَلَ التّطوّرِ البدائيّة والبدويّة, وبلغوا مراحل التّطور المختلفة الّتي مرّت بها الجماعات الإنسانيّة على السّاحةِ اليمنيّة شهدت شتّى المناطق اليمنيّة, في نجد اليمن شمالهِ وأواسطِهِ وجنوبه, وفي سهول اليمن الشّرقيّةِ والغربيّة, وفي شواطئهِ على بحر العرب والبحرِ الأحمر إفضاءَ المسير بالجماعاتِ الإنسانيّة تلوَ الجماعاتِ إلى بلوغ هذه المراحل المتقدِّمَةِ من مراحل التّطوّر, فاستقرَّ أبناؤها على ضفافِ الأودية الكبيرةِ، وشواطئ روافدها الأساسيّة, وفي أرجاء السّهول والقيعان الواسعة, وعلى السّفوح والمناكب الجبليّة التّرابيّة المطيرة … فكان النّاسُ يطلقون على كلِّ جماعةٍ استقرّتْ وتحضّرتْ وفي أيِّ منطقةٍ كانتِ المصطلحَ الوصفيَّ حِمْيَر؛ أي إنّ كلّ قومٍ اسْتقرّوا فزرعوا وحصدوا, وطوّروا تشيِيْدَ المزارع ومنشآتِ الرّيِّ المرحليّةِ , وطوّروا أدوات إنتاجهم , وبنوا البيوت وصنعوا أدواتهم المنزليّة, ونسجوا ثيابَهم إلى جانب الثّياب الجلديّة , وربّو الأبقار إلى جانب المواشي الأخرى …فإنّهم وأينما كانوا وإلى أيّ أصولٌ انتسبوا يطلق عليهم وصفُ حِمْير ـ الّذي أصبح اسماً ـ أي: حَضَرْ، فهم قومٌ حِمْيَرِيّون وجماعةٌ حِمْيَرِيّة؛ أي: حَضَرِيوّن وحضريّة. ومنذ العصور الحجريّةِ المتأخرةِ , خلال الألفِ الرّابع قبل الميلادِ , بدأ ظهورُ هذه الجماعاتِ الحِمْيَريّةِ الحضريّةِ يتوالى في مختلفِ أنحاءِ اليمن , وربطت بينهم علاقاتُ التّعاونِ والمصالح المشتركة والحاجةِ بينَ الأفرادِ في نطاق جماعتهم الخاصّة في محيطهم البيئيّ الخاصّ , وبذلك نشأتِ العناصر الأوّليّة الّتي ستُبْنى منها الوحدات الاجتماعيّة الأساسيّة، والّتي سيتجلّى من خلالها الكيان الاجتماعيّ العامّ. ثمّ إنّ حاجةَ الأفرادِ هنا للأفرادِ هناك، وحاجة الجماعة للجماعاتِ الأقرب إليها قد أدّى إلى نشوء علاقاتٍ بين كلّ جماعةٍ مع الجماعاتِ المجاورة لها، ثمّ إلى تشابك وتداخل هذه العلاقاتِ العمليّة والمصلحيّة بين وحداتِ الجماعاتِ المتجاورة إلى درجةٍ جعلتِ الجماعاتِ المتجاورة في محيطٍ جغرافيٍّ ومناخيٍّ وبيئيٍّ متشابهٍ تبدو كوحدةٍ اجتماعيّةٍ واحدةٍ توصف بأنّها حِمْيَريّة, وإذا أُطلق عليها اسم قبيلةٍ فإنّه يحسن وصفها بالحضريّة, لأنّها تختلف عنِ القبيلة كما هي معروفةٌ في المجتمعاتِ البدويّة, والقبليّة البدويّة هي الأكثر ذكراً في كتب التّراث العربيّ, وخاصّةً عند الحديث عمّا يسمّى بالعصر الجاهليّ, وفي هذا العصر الّذي لا يعود إلى أكثر من مئةٍ وخمسين عاماً قبل الإسلام , كان الغالب على أهل اليمن, هو حياة الحضر فمعظم كياناته الاجتماعيّة كانت حِمْيَريّةً؛ أي: حضريّة مستقرّة في قرًى وبلدات، بل ومدنٍ كبيرةٍ ـ بمقاييس العصر ـ مزدهرة, وكان في أطرافها الشّماليّة بداوة, هي في معظمها عودةٌ إليها من أوضاعٍ متجاوزةٍ للبداوة الأولى. تعريف-2: الحمررة: الغضب الشّديد، يقال: حمرر فلانٌ على فلانٍ يحمرر حمررةً شديدة؛ أي: غضب عليه ورفع صوته مؤنّباً وهمّ به متحرّقاً لضربه، ولعلّها من احمرار وجه الغاضب أو منَ احمرار عينيه. تعريف-3: الحَوْمرة، هي: التّعزير والتّشهير، فالحَوْمرة من ولاة الأمر بالجناة؛ هي: التّعزير مثل (الدّردحة)؛ انظر (دردح). ويقال: حَوْمَرَ فلانٌ بفلانٍ يُحَوْمر به حَوْمَرَة: إذا هو أخذ يشنّع عليه ويشهِّر به ويلهج بذمّه، أو حتّى سبّه في المجالس وبين النّاس. تعريف-4: حِمْيَر في لغة اليمن القديمة معناها: حَضَـرْ، عكس بدوٍ أو عرب. وحِمْيَر: اسمٌ من أسماء الجموع، لا مقابل له من وزنه في اللّغة العربيّة، فوزنه (فِعْيل) ـ بكسرٍ فسكونٍ ففتح ـ لم يأتِ منه كصيغة جمعٍ أيُّ شيءٍ فيها، بصيغته اليائيّة هذه ـ فِعْيَل ـ وأمّا بصيغته الأخرى الواويّة (فِعْول) فجاء نادراً مثل (خِرْوَع) و(عِتود) . أمّا في اللّغة اليمنيّة القديمة، فمن خلال ما تمّ الحصول عليه من نقوشها المسنديّة حتّى اليوم، وردت للصّيغتين أمثلةٌ أخرى مثل: (خِرْيَف) جمع (خَريْف) () لما تكرّس اسماً للعامّ، ومثل: (كِبْوَرٍ) جمع (كَبِيْر) لما تكرّس لقباً لكلّ من تتولّى الزّعامة في بعض الكياناتِ الاجتماعيّة اليمنيّة القديمة. وأمّا في اللّهجاتِ اليمنيّة المحكيّة اليوم، فإنّ أمثلة الجمع على (فِعْيَل) قليلة، مثل (حِزْيَز) () و(حِلْيَل)، ولكنّ أمثلة صيغتها الواويّة كثيرةٌ جدّا، بل هي قاعدةٌ لُغويّةٌ لجمع كلّ ما كان من الأسماء على وزن (فَعِيْل) وأحياناً (فَعُول) و(فَعِل)، فالنّاس يجمعون الأسماء (نقيل) و(كريف) و(طبون) و(بَرِك) على (نِقْوَل) و(كِرْوَف) و(طِبْوَن) و(بِرْوَك) بالتّوالي، وذلك حين تكون أسماءً لا صفات. وحِمْيَر: اسم جمعٍ لم يرد له مفردٌ من جنسه، ولكنّنا نستطيع أنّ نتصوّر تصوّراً منطقيًّا أنّ النّاس في بداية مراحل الاستقرار والتّحضر كانوا يقولون لمن استقرّ وتحضّر وحرث وزرع وقلع: حَمَّر() أو تَحمَّر، فهو حامِر، حاضِرٌ عكس بادٍ، وعنِ الجماعة كان يقال: حـمّروا فهم حامِرٌ وحامِرون وحَمَر، مثل حاضِرٍ وحاضِرون وحَضَر، واختاروا بموجب قاعدتهم في لغتهم آنذاك صيغة (حِمْيَر) صفةً لهم، فيقال: هؤلاء قومٌ حِمْيَر؛ أي: حَضَر، وهؤلاء قومٌ عرب؛ أي: بدو، ثمّ أصبحت (حِمْيَر) اسماً للقسم الأعظم في المجتمع اليمنيّ في تطوراتٍ تاريخيّةٍ ليس هذا مجالها. وفي المراحل الأولى من تاريخ اليمن القديم كان في جميع الأراضي اليمنيّة جماعاتٌ حضريّةٌ مستقرّةٌ منَ اليمنيّين يوصفون بأنّهم (حِمْيَر)؛ أي: حضر، وأقوامٌ مترحّلون وشبه مستقرّين يوصفون بأنّهم (عَرَبٌ)؛ أي: بدو. وحينما بلغتِ الحضارة اليمنيّة أوج ازدهارها، ووصلت دولته قمّة قوّتها، ساد التّحضّر والاستقرار في كلّ ركنٍ من أركان اليمن، وأصبحتِ الغالبيّة العظمى منَ السّكان توصف بأنّها (حِمْيَر) وتعدّ الدّول الّتي تحكمه دولاً (حِمْيَريّة)، سواءٌ كان حكّامها من (سبأ) أو (سبأٍ والفائش ـ فائش حِمْيَر ـ) أو (سبأ كهلان وهمدان) أو (سبأ وذي ريدان)، وصار المجتمع اليمنيّ مجتمعاً حضريًّا حِمْيَريًّا، ولم تعد كلمة (العرب) و(الأعراب) أي (البدُ) و(البدو) الموغِلون في البداوة تطلق وصفاً أو اسماً إلّا على بدو شمال الجزيرة العربيّة، كما كانت غاراتهم الّتي كانوا يشنّونها على بعض المناطق اليمنيّة، توصف بأنّها الغارات الّتي يشنّها (العرب) أو (الأعراب) ()، وأطلقتِ النّقوش اسم (أرض العرب) على وسط الجزيرة العربيّة، أي: أرض نجدٍ على وجه الخصوص() . وفي المراحل المتأخّرة، قبيل الغزو الحبشيّ ثمّ بعده، أصيب المجتمع اليمنيّ بالضّعف وبالهزّات والخلخلاتِ الّتي أحدثها تغيّر المسار التّاريخيّ، فعادتِ البداوة إلى بعض المناطق اليمنيّة، إمّا بالانتكاس التّطوّريّ وإمّا بوفود الأقوام البدويّة منَ الشّمال. ولهذا فإنّه عند ظهور الإسلام، أصبح في الكيان الاجتماعيّ القديم، الّذي يعرف باسم (سبأ كهلان) وفي قلبه وهامته وهي (همدان) وجودٌ واضحٌ للعناصر (العربيّة) البدويّة، إلى جانب ما للجماعات (الحِمْيَريّة) الحضريّة من وجود. إنّ الغاية من هذه الخلاصة التّاريخيّة الاجتماعيّة لا تزال غايةً لغويّة، فحينما وفد على الرّسول X، أوّل وفدٍ من (همدان)، تكلّم كبيرهم بين يديه X، فذكر أنّ مَن معه هم كبار همدان «حاضرها والباد»، ولمّا أسلموا أثنى الرّسول X، على همدانَ وعلى وفدها وعلى كبيرهم، وكتب له عهداً بتوليته على قومه من همدان «أحْمورِها وعَرَوبها»؛ أي: الحِمْيَريّين منهم والعرب، أو الحضر منهم والبدو(). فهذا دليلٌ واضحٌ على أنّ كلمة (حِمْيَر) ظلّت تعني: (حَضَر) وعكسها كلمة (عرب) الّتي تعني: (بدو)، إلى عهد الرّسول X، وكان X يحرص في مواثيقه وعهوده للنّاس أن يستخدم لهذا الوافد أو ذاك بعض المفرداتِ الخاصّة بدلالتها المعروفة في لغته أو لهجته. تعريف-5: الحُمَر، بضمٍّ ففتح: التّمر الهنديّ، وهو يطلق على الشّجر فيقال حُمَرَة والجمع: حُمَر. ويطلق على ثمره فتقول: اشتريت منَ السّوق حاجتي منَ الحُمر. وثمره حامضٌ شديد الحموضة ويستعاض به عنِ الخلّ في طبخ بعض الأطعمة؛ وله ذكرٌ في المعجمات. تعريف-6: الحَوْمَرة: التّشهير؛ انظر (ح و م ر).


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter