المعجم اليمني

درب

د ر ب

تعريف-1: دَرَبَ فلانٌ الشّيء من يده يَدْرُبه دَرْباً ودربة: رماه مطّرحاً له، أو رماه إلى مكانٍ معيّنٍ يريد أن يكون فيه، أو رماه إلى شخصٍ آخر ليتلقّفه.. إلخ. تقول لمن في يده شيءٌ تريده وبينك وبينه مسافةٌ معيّنة: ادْرُبْ ادْرُبْ؛ أي: ارمه وسأتلقّفه. والمدْرُوبُ منَ الأشياء، هو: المهمل والمطَّرَح لذهاب فائدته، مثل ثوبٍ مرميٍّ في زاوية، أو بقايا إناءٍ ملقًى في ركن..إلخ. ودَرَبَ فلانٌ فلاناً يَدْرُبه دَرْباً ودَربَة: أوقعه وأسقطه على أرضٍ مستوية، أو من مرتفع، وحتّى من شاهقٍ إن هو دفعه منه وأرداه. ويقال: دربه فادّرب، وأصلها فاتدرب، حذف التّاء وعوض عنه بتضعيف الدّال. فادَّرب: هي بمعنى وقع وسقط، وهي الفعل اللّازم من هذه المادّة. ويقال فيه: ادّرب فلانٌ يدّرب ادّراباً فهو مُدّرب. ويقال: ادّرب لمن يقع من أعلى إلى أسفل من أيّ ارتفاعٍ كان ولو ادّرب من حالقٍ شاهقٍ فإنّه يقال عنه: مسكينٌ فلانٌ ادّرب ومات، أو ادّرب وصار وصلات.. ونحو ذلك. تعريف-2: دَرَب الماءُ يَدْرُب دَرْباً ودَرْبةً ودَرِيْباً فهو دارِب: صبّ وانسكب. فالمطر إذا هطل غزيراً منسكباً كأفواه القرب فإنّه: يَدْرُب دربةً عظيمة، والماء إذا صببته من إناءٍ يدْرُب إلى حيث تصبّه. ودَرَب ماء النّبع الجاري أو الغيل أو الجدول يدرُب؛ أي انصبَّ من مكانٍ مرتفعٍ في مجراه، وفي طريق الغيول الكبيرة مساقطُ تدرب منها فتكون شلّالاتٍ يسمّى الواحد منها: دارِبة، والجمع: دَوارب، ومكانها مَدْرَب وهي كثيرةٌ في الأودية وروافدها. وإذا هطلتِ الأمطار الغزيرة على الجبال العظيمة الّتي فيها مآتي الأودية، وحدث أن أقلع المطر وأشرقتِ الشّمس قبل الأصيل موعدَ نزول الأودية عادة، وأتيح لك أن تسير بإزاء وادٍ منَ الأودية وهي كثيرةٌ في اليمن، فستشاهد وتسمع ظاهرةً من أعظم مظاهر الطّبيعة، ومن أروع دلائل قوّاتها وجبروتها. ولقد شاهدت مَدْرَباً هائلاً من مَدارِب الأودية هذه، وذلك عقب مطرٍ غزير، وكان المدرب يبدأ شاهقاً من نحو ثلث ارتفاع الجبل، ويتّجه في خطٍّ مستقيمٍ إلى قعر الوادي في زاويةٍ من زواياه، وكان ارتفاع المدرب أكثر من مئتي متر، وكان السّيل المتدفّق منه عظيماً، فكان منظرُ ودويُّ هذا الحجم الهائل منَ الماء، وهو يندفع من حافة الشّاهق الشّامخ منصبًّا في شكل ذيل فرسٍ أسطوريٍّ في حجم الجبل ذاته، ممّا يبعث الدّهشة والرّوعة والرّهبة في أيّ نفس, وخاصّةً حينما كان الشّلّال وما يحمله منَ الصّخور، يرتطم بالصّخور المتراكمة في تلك الزّاوية من زوايا ذلك الوادي، فيتراوح الصّوت بين الدّويّ العميق الهادر، وبين ما يشبه الانفجاراتِ المجلجلة، ثمّ يتطاير الرّذاذ كغيمةٍ منتشرةٍ على مساحةٍ واسعة، ممّا أدّى إلى انعكاس أشعة الشّمس عليها وتشكيل قوس قزحَ بأطيافه الكاملة.. فكان كلّ هذا منَ المشاهد الّتي لا تنسى طوال الحياة. وهذه المدارب تضاف إلى السّيول فيقال: مَدارِب السّيل أو مَدارِب السّيول، والواحد: مدْرَب السّيل، وهذه العبارات ترد في الموروث الشّعبيّ، وفي المقولاتِ الغنائيّة، فمن ذلك قول الشّاعر عبد الله عبد الوهّاب نعمان z: مَدارِبَ السَّيْلْ قُوْليْ وامَدارِبْ لِما لا يَقْدِرَ السَّيْلْ أنْ يَرْوِيْ القُلُوْبْ الظّمأ ومنَ الموروث الشّعبيّ ما جاء على لسان فتاةٍ أضناها الكدّ والكدح، وسماعها كلماتِ التّقريع والحثّ على سرعة العمل في الصّباح بعبارة: شرق يا الله شرق٭. وفيما بعد الظّهر: ليل يا لله ليل, فعبّرت عن حالتها بقولها: يا لَيْتَنِيْ عَيْلِهْ٭ في مَدْرَبَ السَّيْلْ لا احَّدْ يِقُوْلِّيْ لا شَرَقْ ولا لَيْلْ والعيلة هي: الحمامة البرّيّة، ويقال: يا ليتني وردةٌ بدلاً من عيلة، وهي رواية المدن، أمّا في الأرياف فلا يقال إلّا عيلة، والحمام البرّيّ يتّخذ من مدارب السّيول وما فيها من كهوفٍ مآوي له. تعريف-3: دَرْبُ المدينة: سورها وما فيه من تحصينات، وتسمية سور المدينة بالدّرب لهجةٌ جنوبيّة، وفي الشَّمال يسمّى هذا السّور (الدّاير) لإدارته على المدينة. ودرَّب النّاس مدينتهم يدرِّبونها تدريباً فهي مُدرَّبة: أحاطوها بسورٍ محصّنٍ يمنعها. وفي بعض كتب التّاريخ اليمنيّة تجد عبارة: وفلان بن فلانٍ هو الّذي دَرَّب مدينة كذا؛ أي: أحاطها بالسّور.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter