المعجم اليمني

زور

ز و ر

تعريف-1: زارة حين: أحياناً نادرة, انظر: (ز ا ر). تعريف-2: الزَّار عندنا، يختلف عنِ الزَّار كما هو معروفٌ في بعض البلدان العربيّة وخاصّةً في مصر، فهو ليس خاصًّا بالنّساء ـ وهو رقصٌ جماعيٌّ لهنّ ـ بل هو محصورٌ في الرّجال أو أفرادٍ منهم يصبحون (مُزَوَّرِيْن) أو فيهم ( زارٌ) لظروفٍ معيّنة، وليس فيه عندنا تعبيرٌ عن كبتٍ جنسيٍّ كما توصف به راقصات الزّار منَ النّساء في مصر، بل هو عندنا تعبيرٌ عنِ انفعالٍ شديدٍ بالموسيقى والإيقاعات والغناء. والزّارُ في الخرافاتِ عندنا اسمٌ لكائنٍ شيطانيٍّ سحريٍّ يكون في النّباتاتِ الطّيّبة الرّائحة ثمّ ينتقل ليعشّش في رأس هذا أو ذاك منَ النّاس، ويسمّى أيضاً (الزُّوّارِيْ)، ويقال لمن يعشّش في رأسه إنّه (مُزَوَّرٌ) أو (فيه زارٌ) أو (فيه زُوّارِيّ). والزّارُ عندنا لا يصيب إلّا هذا أو ذاك منَ الشّبّان ذوي الفتوّة والوسامة، ويبدأ أمر من (يَتَزَوَّر) بأن يظهر عليه في بداية شبابه ميلٌ إلى الطّرب والرّقص في كلّ مناسبةٍ يغنّي فيها النّاس ويرقصون، ويظلّ يتابع هذه المناسبات في منطقته وما حولها حتّى يسافر مسافاتٍ لحضور عرسٍ أو حفلةٍ ما ليرقص. وتزعم الخرافة الشّعبيّة أن ظهور ذلك عليه يغري به السّاحرات منَ النّساء حتّى تتسلّط عليه إحداهنّ فتوقعه في حبائلها، ثمّ إنّها حرصاً في الإبقاء عليه تحت سيطرتها (تُزَوِّرُهُ)، حيث تهدي إليه باقةً منَ الرّ يحان أو الورد يعشّش فيها (زارٌ) أو (زُوّارِي) يكون معها على اتفاقٍ لإبقائه لها، فلا يكاد الشّابّ يتنشّق تلك الباقة حتّى ينتقل الزّارُ منها ليعشّش في رأسه فيصبح (مزوَّراً)، والّذي يحدث لهذا الشّابّ بعد أن (يَتَزَوَّرَ) هو أن يتحوّل وَلَعُهُ بالرّقص وتأثّره بالموسيقى إلى هوس، ولا يقف عند تجويد الرّقص وإحسانه والتّفوّق فيه على أقرانه، بل هو بعد أن يبلغ قمّة الطّرب يصاب بحالةٍ عصبية، ورفاقه في الرّقص يتركونه عند ظهور هذه الحالة عليه فيصبح في السّاحة وحده، ويُعْطَى (جنبيتين) في كلّ يدٍ جنبيّة، ويسرع له المغنّون والعازفون في غنائهم وإيقاعهم وهو يسرع في رقصه ويأتي فيه بحركاتٍ وتثنّياتٍ ووثباتٍ يعجز حتّى هو نفسه عنِ الإتيان بها لولا حالة (الزّار) الّتي تعتريه، ويستمرّ في رقصه هذا أسرع فأسرع وأقوى فأقوى حتّى يغمى عليه في النّهاية. وهنا يقوم الحاضرون بتنشيقه العطر أو النّباتاتِ الطّيّبةَ العرف ليعود إلى وعيه. وقد شاهدت عدداً منَ (المُزَوَّريْن) ووجدت أنّ بعضهم يتكلّفون ذلك لكي يقال عنهم مزوّرين، ولكنّ بعضهم يعطي مصداقيّةً لحالته مِمّا جعلني أعتقد أنّ به حالةً عصبيّةً تجعله شديد الحساسيّة تجاه الغناء والموسيقى حتّى إنّه يفقد شعوره عند بلوغه قمّة الطّرب ليأتي بذلك الرّقص الخارق وهو في حالة هياجٍ شديدٍ حتّى يصاب بالإنهاك أو ما يشبه الإغماء. ومصداقيّة هذه الحالة ـ حالة المُزَوَّرِ ـ الحقيقيّ أو على الأصحِّ الّذي يطرب حتّى الخروج عنِ الطّور تأتي عند بعضهم من حيث إنّه إذا لم يطرب لما يسمعه من غناءٍ أو غزفٍ لعدم مسايرته له أو لضعف مستواه، أو لأنّ الحفل لم يكن مريحاً له، أو سمع فيه ما ينغّصه، فإنّه يظلّ يرقص مستحضـراً حالته لعلّها تأتي ولكنّها لا تنتابه فيتألّم ألماً شديداً وينسحب منَ السّاحة وهو يشعر بالضّيق، بل وبالعار لأنّ (زاره) تخلّى عنه وكأنّه لم يعد ذلك الشّابّ القويّ الفتيّ الّذي يحظى بإعجاب الحاضرين وتولُّه الحاضرات والغائبات ممّن يعلمن حاله بشخصه وبفتوّته ومرحه.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter