المعجم اليمني

شفف

ش ف ف

تعريف-1: الشَّفُّ، بفتحٍ ففاءٍ مضعّفة: الرّغبة العميقة، والهوى والميل الكامنان, نقول: شفِّي أن يكون كذا وكذا، فتكون لها دلالةٌ ليست في عبارة: رغبتي أن يكون كذا وكذا، لأنّ الشَّفَّ الرّغبة الكامنة، ونقول: شفُّ فلانٍ مع فلان؛ أي: هواه وميله, وشَفُّ المحبّ أن يلقى حبيبه؛ أي: أمنيَتُه وأملُه. وكثيراً ما تستعمل مسبوقةً بحرف النّفي (ما) نقول: ما شفِّي إلّا كيت, أو بها وبحرف الجرّ الباء، تقول: ما بِشَفِّي سوى كذا، وما بِشَفِّ المحبّ مثل اللّقاء. ومن أحكم الأمثال وأصدقها فهماً للنّفس البشريّة، وأكثرها تردّداً على الذّهن لعمق تعبيرها عمّا يجري في عصرنا هذا عصر الإعلام الموجّه، والدّعاية الماكرة, قولهم: «الأعْلامْ شُفُوْفْ», والأعْلام جمع: عِلم، وهو النبأ والإخبار به، والشُّفُوْف جمع: شَفّ؛ أي: رغباتٌ وأهواء. ومن يتابع ما تبثّه الإذاعات والتلفاز، وتنشره الصّحف والمجلّات في هذا العصر، يعرف مقدار صحّة هذا المثل ودقّته، فالخبر الواحد يأتيك من مختلف هذه المصادر، ملوّناً بالأهواء ومعبّراً عنِ الرّغبات بحسب اختلاف الميول والاتّجاهات، ولا يشترط هنا أنّ يكون هذا الطّرف قد كذب وتزيَّد، وذلك قد اختلق وافترى، بل يكفي إذا كان مسموعاً تلوين الصّوت وتنويع النّبرة والضّغط على العبارة أو حتّى الحرف هنا وهناك، حتّى يبدو لك ما سمعته من هنا مختلفاً عمّا سمعته من هناك لتلوينه بألوان رواته وصبغه بصبغة شُفُوفهم وما في نفوسهم وما يريدون إيصاله إلى المستمع والتّأثير به عليه. وحتّى في الشّؤون المعتادة والحياة اليوميّة يلمس الإنسان المتأمّل مدى تلوين الأخبار أو الخبر الواحد بشُفُوْف النّفوس وأهوائها، فيقول في نفسه: الأعلام شفوف . فلو تشاجرَ شخصان هما: حسنٌ وحسينٌ ـ مثلاً ـ فتعادلا، وكان قد شاهدهما في عراكهما شخصان هما: محمّدٌ الميّال إلى حسن، وأحمدُ الميّال إلى حسين، ثمّ جاءك الأوّل فأخبرك بالنّبأ دون كذبٍ ولا اختلاق، وإنّما هو بنبرة صوته، باختيار كلمةٍ معيّنةٍ من مترادفين، وبالتّعليل والتّبرير هنا وهناك، قد عبّر عن شفِّه، وعكس عليك هواه مع حسن، فجعلك تشعر أنّه مظلومٌ أو أنّ كفّته أرجحُ على نحوٍ ما, فإذا جاءك الثّاني عَكَس تلك الصّورة محاولاً تبرير موقف حسينٍ وترجيح كفّته على النّحو السّابق، وهنا لن تملك إلّا أن تقول: الأعْلام شُفُوْف . أمّا الأعمّ الأغلب الّذي تقترفه وسائل الإعلام في هذا العصر من اختيارٍ واطّراحٍ على طريقة (ويلٌ للمصلّين) أو (يا أيّها اللّذينَ آمنوا لا تقربوا الصّلاة) ومن تقديمٍ وتأخيرٍ ومنِ اختيارٍ للكلمات الّتي لا يكون التّرادف فيها كاملاً أو متقارباً على الأقلّ … إلخ، فإنّه لا ينطبق عليها هذا المثل بحيث تقول: الأعلام شُفُوف، بل هو الكذب والتّضليل والخداع المكشوف. وأخيراً منَ الأمثال اليمانية قولهم: «شَفَّ الحاكِمْ ولا كُثْر الشّهودْ» و«شَفّ القاضي ولا ألف شاهد».


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter