المعجم اليمني

كتن

ك ت ن

تعريف-1: الكُـتَـنَة, بضمٍّ ففتح هي: البقَّةُ، والكُتَن: البقُّ. ولمّا كانت بعض القواميس تقلقل كلمة البقّ، أي تقول فيها هي كذا، وقيل هي كيت.. إلخ، فإنّنا نعني بالبقّ وبالكُتَن تلك الحشرة الّتي تعشّش في الفراش والجدران والسّقوف وسائر جهات البيت ومتاعه، وهي أكبر منَ القملة وذات لونٍ أحمرَ ورائحةٍ منتنةٍ خاصّةً عند قتلها، وتتطفّل على دم الإنسان في أثناء نومه ليلا، ولا تدبّ نهاراً إلّا لجوعٍ شديد، وبشرط أن يكون محلّ دبيبها إلى الإنسان الجالس أو النّائم نهاراً محلًّا مظلما. وتظلّ في أوّل اللّيل كامنةً ولا تتحرّك إلّا إذا نام النّاس. يقال إنّ الكتنة تجوع فتنادي أختها: يا عَنْبَره يا عنبره! قد نامت الجيف ننزل؟ فتجيبها أختها: لا لا يا مسْكه! لا يزال سراجهم يطلع وينزل. فالكتنة على نتنها تعتبر النّاس جيفاً منتنة، وتتسمّى بأسماء الطّيب، وهذا للسّخرية بالكُتَن. ومنَ الأمثال قولهم: «حالِيَهْ في الكُتَنْ»، وقصّته أنّ رجلاً ابْتُلي بتعشيش الكتن في بيته بكثرة، ومن أجل الخلاص منها أعاد تقصيص البيت فلم يفلح، فأعاد مِلاجته، ولم يفلح، فاستعمل التّحريق وكلّ وسائل الخلاص منَ الكتن بدون فائدة، وفي يومٍ بينما هو جالسٌ بينَ النّاس في مَقيلهم جاءه من يخبره أنّ بيته شبّت فيه النّيران وهو الآن يحترق، فلم يتحرّك الرّجل من مكانه لهذا الخبر المزعج، بل انبلجت أساريره وقال: «آخْ حالِيَهْ في الكُتَنْ». وكلمة آخ تقال للتّعبير عنِ الرّاحة، ومعنى العبارة: يا لراحة نفسي وشفاء غليلها للمصير الّذي سيحلّ بالكتن. ويضرب المثل فيمن يصل به الضّيق حدّ التّضحية بشيءٍ من أثمن ما عنده طلباً للرّاحة من حقيرٍ مؤذٍ وفي كلّ حالةٍ مشابهة. وممّا يتندّرون به عنِ الكتن ولو كان في النّكتة غلاظة، أنّهم يحكون في منكوبٍ بِتَعْشِيْشِ الكُتَن في بيته، كان يحتمي منها بالنّوم في كيسٍ يربطه على نفسه منَ الدّاخل ـ والنّوم في أكياسٍ واسعةٍ منَ القماش كان عادةً شائعةً في اليمن ولا يزال لها بقيّةٌ ـ وفي إحدى اللّيالي الّتي لم تحلّ إلّا وهو منهكٌ يرغب في نومٍ عميق, نظّف كيسه جيّداً ودخله وعصب، فلمّا شعر بدبيب النّوم اللّذيذ أحسّ بدبيب كتنةٍ على بعض أجزاء جسمه فمدّ يده إليها فلم يخطئها وإذا بها حيّةٌ بين إصبعيه، وتحيّر فيها فإن هو قتلها ملأتِ الكيس برائحتها المنتنة، وإن هو حلّ رباط الكيس وتخلّص منها خارجه طار منه نومه الممتع، فما كان منه إلّا أن دسّها في دبره قائلا: الخرا جنب الخرا واستغرق في نومه. ومن غرائب الكُتَن أنّها تعيش طويلاً في البيوت الّتي أقفرت لسببٍ منَ الأسباب بحيث لم يعد في البيت من تتطفّل عليه، ومع ذلك تدخله بعد سنةٍ أو أكثر، فتجد فيه كُتَناً حيّةً ولكنّها مهزولةٌ ملصوقة الجلد ظهراً لِبطنٍ كأنّها قطعةٌ رفيعةٌ من ورقةٍ يابسة، فإذا سُكِن البيت من جديد دبّت على أهله وواصلت حياتها، بل إنّك لتجد الكتن في خرائب بيوتٍ أو قرى دُثرت منذ زمنٍ وكانتِ الكُتَن واسعة الانتشار في القرى والمدن ماعدا صنعاء الّتي كانت قليلةً فيها كما ذكر الهمدانيّ (الإكليل: 8/41)، أمّا الآن فإنّه قد انقرض منَ المدن وقلَّ في الأرياف. وقد جمع الهمدانيّ الكلمة على: كُتان، واليوم لا نقول إلّا الكُتَن.جمع كُتَنَة.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter