المعجم اليمني

مول

م و ل

تعريف-1: المال: كلمةٌ قاموسيّةٌ معروفة، رغم أنّ المعجمات تقول: «المال ما ملكته من جميع الأشياء»، إلّا أنّها تقول: «وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنّها أكثر أموالهم» أي إنّ (منطوق) المال هنا أخذ (مضمونه) من الواقع الاجتماعيّ البدويّ، ففي حياة البداوة الرّعويَّة المترحّلة في بيئةٍ صحراويّةٍ قاحلة، ذات مسافاتٍ شاسعة، تكون الإبل خير ما يمتلكه الإنسان، لا للتّنقّل فحسب، بل وللرّعي والاعتماد في الحياة على منتجاتها، فلا غروَ أنّ تصير أولى دلالات كلمة (المال) في اللّغة العربيّة هي دلالتها على (الإبل)، وأنّ تتوسّع دلالتها فيما بعد. أمّا في تاريخ اليمن القديم، فإنّ المجتمع كان يعتمد على اقتصادٍ متعدّد الجوانب، ولهذا فإنّ من المنطق أن يكون لكلمة المال دلالاتها الواسعة منذ عصورٍ مبكّرة، وبعد نكسة الحضارة اليمنيّة عاد المجتمع إلى الاعتماد على الاقتصاد الزّراعيّ بالدّرجة الأولى، ولهذا اكتسبت كلمة المال من هذا الواقع الاجتماعيّ الحضريّ المستقرّ، ومن الواقع الاقتصاديّ الزّراعيّ، الّذي لا بدَّ أنّ يوازيه نشاطٌ تجاريٌّ أيضا، على الأقلّ في مجال التّجارة الدّاخليّة. لهذا فإنّ اللّهجات اليمنيّة أطلقت وتطلق كلمة المال أوّلاً على: الأرض، فالأراضي الزّراعيّة هي: المال، بل كلّ قطعة أرضٍ هي بذاتها: مال، وحينما تسمع كلمة مالٍ أو المال أو الأموال في كلام المزارعين ـ وهم غالبـيّة أهل اليمن ـ أو أمثالهم، أو في أحكام حكمائهم، أو في أيّ ضربٍ من مقولاتهم، فإنّهم لا يعنون بها إلّا الأرض أو الأراضي الزّراعيّة. وللمال ذكرٌ كثيرٌ في مقولات حكمائهم وأحكامهم، وبخاصّة مقولات (عليّ بن زايد) و (حُمَيْد منصور) و (با جابر) و (أبو صالح) وغيرهم. فمن أحكام الأوّل مفضّلاً المال بهذه الدّلالة على امتلاك المواشي: المالْ ما ياكُلِهْ ذِيْبْ
وَلا تِضِرِّهْ زَنِيْنِهْ٭ و المالْ كُلِّهْ مَوارِكْ٭ إذا لِقِيْ مَنْ يِمُوْنِهْ وِإِنْ يِصادِفْ وَلَدْ وَيْلْ باعِهْ وِفالَطْ رِهُونِهْ وللمال إلى جانب قيمته المادّيّة قيمةٌ معنويّةٌ رفيعة، فمن يهمله أو يـبـيعه ـ دون ضرورةٍ قصوى ـ ينقص قدره في عيون النّاس، وينحون عليه بكثير من اللّوم، بل أنّ ابن زايدٍ لا يتورّع عن لعن بايع المال: لُعِنْتْ يا بايِعَ المالْ كان ارْهَنِهْ لا تِبِـيْعِهْ
والمال آخر ما يمكن للمرء أنّ يتخلّى عنه عند أقصى الضّرورات، ويتّضح التّدرّج فيما يصحّ للإنسان التّخلّي عنه للضّرورة، في قولهم: الحَبّ يِفْـدِيْ لِيَ الثَّوْرْ والثَّـوْرْ يِفْـدِيْ لِيَ المالْ والمالْ يِفْدِيْ لِيَ الرّاسْ و كرّر ابن زايدٍ كلمة المال في قوله حاثًّا للإنسان بألّا يعتمد إلّا على ما هو له فقال: ناديتْ يا مالْ يا مالْ ما جابني غير ماليْ ناديتْ يا عولْ يا عولْ ما جابنيْ إلّا عيالي وفي الأوساط التّجاريّة يطلقون المال ثانياً على: النّقود وعلى ما بحوزتهم من السّلع، ولكنّهم يعلمون أنّ الدّلالة الأولى لهذه الكلمة هي الدّلالة الّتي يعنيها السّواد الأعظم.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter