المعجم اليمني

أتو

أ ت و

تعريف-1: أَتْوَة: اسمٌ قديمٌ لبلدةٍ قديمة، باقيةٍ ومحتفظةٍ باسمها، وهي اليوم: قريةٌ متوسّطةٌ في شَمال (أرْحبَ) تحتَ جبلِ (ذيبان) الّذي يطلقُ على قِمَّته اسم (ريام). و(أَتْوَةُ) قائمةٌ على تلٍّ منَ الأنقاض الأثريّة، وتنتشر الأنقاض حولها، وبجانبها الجبل وما فيه منَ المعالم الأثريّة الهامّة، ذلك أنّه كان لـ (أَتْوَة) في تاريخِ اليمنِ القديم مكانةٌ دينيّةٌ كبيرة، لأنّها تقعُ ضمن المجمع الدّينيّ الّذي يقع في القلب منه معبد الإله (تألب ريام) الإله الأعظم لكَهْلانَ عامّة، ولهَمْدانَ ـ بجناحيها حاشِد وبَكِيْل ـ خاصّة، هذا المجمع الّذي كان محجًّا يَؤُمُّه عبّادُ (تألب ريام) كلّ عام، لأداء مناسك حجّهم، انظر حول هذا الجانب مادّة (ر ي م). أمّا الجانبُ اللُّغويّ للاسم فالأرجح أنّه منَ الأتْوِ بمعنى العطاء والإعطاء بكرمٍ وكثرة، يقال ـ كما في المعجمات ـ: هذا نخلٌ أَتْوٌ وأرضٌ أتوة؛ أي: نخلٌ مثمرٌ مِعطاء، وأرضٌ طيّبةٌ كريمةُ العطاء، والبلدةُ الأتْوة هي: ما كانت كذلك، ولكنّ المعنى المراد بالكرم والإكرام وبالعطاء والإعطاء هنا هو في الغالب متعلّقٌ بالجانب الدّينيّ، الّذي كان هو الصّفة الأولى لمدينة أتوة لأنّها المقرُّ الّذي يستقبل الحجّاج كلّ عام، فيقيمون فيها مؤدِّين شعائر حجِّهم ومناسكه، فتؤتيهم أتْوَةُ ما يرجونه من آلهتهم وما يَصْـبون إليه من أداء فريضة حجِّهم. وقد تكونُ التّسمية من: أتى النّاسُ المكان يأتونه أَتْياً وإِتْياناً فهم آتون له وهو مأتيٌّ إليه، وأَتْوٌ، فيكون بناءُ كلمة أتْوٍ هنا هو: (فَعْلٌ) بمعنى (مفعول)، ومجيءُ اسم المفعول بالواو من مادّةٍ يائيّةٍ جائزٌ في اللّغة، مثل رَخْو من ارتخى يرتخي ونحو ذلك، ومجيء اسم المفعول على بناءِ (فَعْلٍ) جائزٌ أيضاً كما في هذا المثال الأخير. ولمّا كانت أَتْوَة على هذا القدر منَ المكانة الدّينيّة الرّفيعة، فقد جاء ذكرها في عددٍ منَ النّقوشِ المسنديّة، رغم أنّه لم تُجْرَ في محيطها الأثريّ أيّةُ تنقيبات، ومن هذه النّقوش ما يشير إلى ما كان القائمون على معبدها ومناسكه الممتدّة إلى القمّة (ريام) يقومون به منَ الأعمال العمرانيّة والخدميّة لتيسير الحجِّ إليها وتلبيةً لحاجات الحجّاج الّذين يؤمّونها في كلّ عام، فمنها هذا النّقش (سي / 338 / C) الّذي يقول: «إنّ بني ذَخِر وفي مقدّمتهم (معاهر بن جاهض) كبير كهنة الإله (تألب ريام يُهَرْخِم بعل ترعة)، قد تقرّبوا إلى إلههم بتكريس أنفسِهم وأموالهم وأبنائِهم كهنةً لخدمته، وذلك في هذا اليوم الّذي يحتفلون فيه بما أنجزوه للإله من أعمالٍ عُمرانيّة، ومن أعمالٍ إنشائيّةٍ وأخرى تجديديّةٍ بدءاً من سور قمّة جبله المقدّس (ضبيان= ذبيان) وقمّته (ريام) الّذي جدَّدوه وأقاموه وشقّوا إليه الطّريق وأنشؤوا حوله المطاف والمسعى وصوحاً واسعاً ملحقاً به، وجرّوا إلى مرافقه الماء وأقاموا في محاريبه المذابح البرونزيّة والحجريّة وزوّدوه بالمباخر داخله وحول حيده الجبليّ، واستنبطوا بئره الغنيّ بمائه، وزوّدوه بمئة حوضٍ حجريٍّ للشّرب تمتدّ في طرقاته الجبليّة ونحو مدينة (أتوه) ومعبد مدينة (أتوة) مع إنشاءِ وتجديد المذابح والمباخر وكلِّ المناسك في هذه المرافق، كلّ ذلك تمّ إنجازه طبقاً للوحي الإلهيّ الّذي يأمر (معاهر الذّخرى) و(بني ذخر) بالقيام بكلّ ذلك تنفيذاً لإرادةِ الإله ووَفْقاً لرغبته.. إلخ». و هذا نقشٌ قديمٌ تأسيسيٌّ يكرِّسُ مدينة (أتوه) وجبلها المقدّس (ضبيان= ذبيان) وقمّة (ريام) ومعابدها، منسكاً منَ المناسك الدّينيّة يأتيها النّاس للحجِّ وتُؤتيهم ما يرجونه منَ المطالب والآمال.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter