المعجم اليمني

أجل

أ ج ل

تعريف-1: الإجْل: العِجْلُ من ولد البقر، والجمع: آجالٌ كأعجالٍ مع تسهيل همزته، والأمر ليس محصوراً في اللّهجات التّهاميّة الّتي تستبدل الهمزة بالعين فيما أوّله عين، بل هي لهجةٌ أكثرُ شيوعاً تعمُّ بعض المناطق الجبليّة، قال الأستاذ أحمد شرف الحكيميّ المعافريّ: لم أسمع في منطقتي إلّا إجْلاً وآجالا. تعريف-2: الماجِل: مُجَمَّعُ الماء الّذي يُبنى على نبعٍ صغير، ويقوّى بالقضاض٭ ـ أو بغيره، وذلك حينما يعجزُ النّبع بجريانه عنِ الوصول إلى المزارع، فُيبنى الماجِل لتأَجِيل الماء فيه ليجتمع حتّى يمتلئ ثمّ يُفجرُ لسقي ما بإزائه أو دونه منَ المزارع. هذه هي الدّلالة الصّحيحة لكلمة الماجِل، ومنَ الواضح أنّ هذه التّسمية جاءت من أصلٍ قاموسيٍّ معروف، هو مادّة: أجَّل يُؤجِّل تأْجيلا، ولكنْ تمّ تدوينها هنا لأسبابٍ ستذكر فيما بعد. وللماجل ذكرٌ في المقولاتِ الشّعبيّة الفلكلوريّة غير المنسوبة والّتي سأسمّيها في هذا الكتاب (العَفْوِيَّة) () ـ نظراً لعدم الاتّفاق على مصطلحٍ عربيٍّ مقابلٍ لـ (فولكلور) حتّى الآن ـ فمن هذا الذّكر قولُ إحداهنّ في وداع حبيبها ممّا يُغنَّى من (العفْويّ)، (رجز): شَا سَايِرَكْ لَوْ مَا ٭تِزِلّ٭(باجِلْ) وَاعْمَلْ لِعَيْنِيْ ساقِيهْ وِمَاجلْ سأسايِرُك أيّها الحبيبُ حتّى تتجاوز مدينة باجل، ثمّ أعودُ باكيةً عليك بالدّمع الغزير الّذي لو جعلتُ له ساقيةً لملأ ماجلا. ويشنِّع النّاس على بعض البَدو لشراهتهم، فينشدون على لسان أحدهم معبّراً عن هذه الشّراهة بقوله (منَ تفعيلات المتقارب): لَكَ الحمد ياربْ شِبْعِيْ تِقارَبْ أكَلْت ثَوْرَيْنْ وِعِجْلَيْن وارْنَبْ وماجِلْ كَرَعْ ها.. وِعادِيْهْ بَاتِسَعْ أمّا أسبابُ إيرادِ كلمة الماجل في هذا الكتابِ رغم أصلها القاموسيّ، ورغم أنّ المعجماتِ تتطرّقُ إلى ذكرها، ولها فيها أقوالٌ فهي أسبابٌ كثيرة، أهمّها: أوّلاً: إنّ للماجِل ـ لفظاً وعملاً ـ خصوصيّةً يمنيّةً كبيرة، فهذه التّسمية لهذه المنشأة من منشآت الرّيّ الزّراعيّ تسميةٌ قديمة، وردت في عددٍ من نقوش المسند اليمنيّ القديم. وكتابة الكلمة بحروف المسند تجزم بأنّ أصلها منَ التّأجيل، وذلك يَحسمُ كتابتَها في باب أجل فحسب، لا في باب أجل ومجل كما في معجمات لغتنا القاموسيّة، إذ إنّ أبجديّة المسند ليس فيها ألفٌ ليّنةٌ صامت، وليس فيها إلّا همزة، وكلمة ماجلٍ تكتب هكذا ( ماجل= مأجل) وفي الجمع كما في المساند (مأجلت = مأجلة أو مأْجلات), فالمساند اليمنيّة هي المرجع الأصحُّ في كتابتها وفي أنّها اسم مكانٍ لتأجيل الماء حتّى يجتمع ويكثر، وذلك من أجَّلَ يُؤَجِّل. ثانياً: ذكرُها هنا يزيل اللّبس الّذي في معجمات لغتنا القاموسيّة؛ إذ تُكثِر في شرحها منَ القلقلة، أي: قيل إنّ الماجل كذا.. وقيل إنّه كيت، حتّى ينتهي بهم الأمر إلى القول: «وقيل إنّه ـ أي الماجل ـ معرَّب»، هذا علاوةً على ما سبقتِ الإشارةُ إليه من ذكرهم لها في باب (أجل) ثمّ في باب (مجل)، وصحيحٌ أنّهم في باب (أجل) يذكرون فيما يذكرون منَ التّفسيرات التّفسير السّليم لها، إلّا أنّهم في باب (مجل) يأتون في تعليل التّسمية بأقوالٍ بعيدةٍ كلّ البعد عنِ المعنى الحقيقيِّ لها. ثالثاً: لا تزال الكلمةُ حيّةً على ألسنتنا منذُ أقدم العصور وحتّى اليوم؛ وقد ظلّ إنشاء المآجل مزدهراً إلى عهدٍ عشته، وكانت المآجل ضربين: ضربٌ يقام ليكون دائماً فيبنى بالحجارة المشذّبة، ويقوّى بالقَضاض٭أو يُطلى بطبقةٍ منه، ويكون هذا ملكيّةً خاصّةً أو مشتركةً بين اثنين أو ثلاثة، يتداولون ماءه أجلةً بأجلة، أو بحسب شروطٍ بينهم. وضربٌ مؤقّت، يبني في وسط مسيل الماء في الوادي ذي الغيل العتد٭ ، وذلك عندما يضعف ماء الغيل الكبير الجاري عنِ الوصول إلى المزارع البعيدة في وسط الوادي أو في أسافله، فيبني الملّاك والمزارعون هذا الماجل، بشكلٍ سريعٍ مِنَ الحجارة وفروع الأشجار والطّين، ولكنّه متينٌ بحيث يحتفظ خلفه ببحيرةٍ صغيرةٍ منَ الماء تَسقي الأجلةُ الواحدة منها أرضاً زراعيّةً على بُعدِ أربعةِ كيلو مترات أو خمسة، ويعمل الماجل من هذا النّوع طوال مدّة الجفاف، فإذا هطلتِ الأمطار الموسميّة نزل السّيل في الوادي فاجترف هذا الماجل، ولكنّ الأمطار والسّيول تعيد غيل الوادي إلى قوّته السّابقة للوصول إلى المزارع البعيدة، وهكذا حتّى يحلُّ جفافٌ آخر.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter