المعجم اليمني

بزي

ب ز ي

تعريف-1: مادة بَزَي يَبْزي بمعنى: رضع يرضع، ليس منها في أمهاتِ المراجع اللُّغويّة شيء، ولا حتّى في معجمٍ موسّعٍ كلسان العرب، أمّا تاج العروس وهو الأكثر شمولاً وتوسّعاً فليس فيه إلّا هذه العبارة القصيرة «والإبزاءُ: الإرضاعُ، وهذا بَزيّي، أي رضيعي»ولا شيءَ غير ذلك، ولم ينسبها إلى مرجع، ولعلّها ممّا استفاده في اليمن على قلّةِ ما رواه ممّا استفاده من إقامته في اليمن مقارنةً بغيره، كالصَّغاني في التّكملة. أمّا في اللّهجاتِ اليمنيّة فإنّها شائعةٌ ومستعملةٌ بتصريفها بهذه الدّلالة، يقال: بَزَى الرّضيُع يَبزي بَزيَةً وبزاة؛ أي: رضع، وهو هنا فعلٌ مُجرّدٌ ولازم، وقد يأتي متعدّياً فيقال: بَزت الأمُّ رضيعَها. وفي المزيد المتعدّي، يقال: أبزتِ الأمُّ طفلها تَبْزِيه بَزْيَةً وبزاةً وبَزيّةً له. والبازِيَة والمُبَزِّيَة من الصّفاتِ الّتي تطلق على المرأة وتلازمها مدّة إرضاعها لوليدها، وتعني الإرضاع والحضانة، يقال: فلانةٌ مشغولةٌ لأنّها بازيةٌ أو مُبَزّيةٌ لطفلها، وهما منَ الصّفاتِ المشبّهة بالفعل، فلو أعربنا لقلنا: كلُّ بازيةٍ طفلاً أو مُبَزِّيةٍ طفلاً تنشغل ولا تستطيع الغياب عن بيتها طويلا. وجاء في الأمثال: «يَبْزي ويرْبقْ»؛ أي: يرضع ويصرخ محْدِثاً صخباً، قيل أوّلاً في الطّفل الّذي يرضع ويبكي، ويُضربُ في كلّ من هو مستفيدٌ من شيءٍ أو شخص، ومع ذلك يرفع صوته بالشّكوى والتّذمّر، والبزَةُ: اسم للإرضاع يقال ـ مثلاً ـ المدّة الشّرعيّة للبزة حولان. ومن أمثال نساء الرّيف الكادّاتِ الكادحات: «البزَهْ تِنجح والعمل ما ينجح» والنّجاح: الانتهاءُ والانقضاء، فالرّضاعة عندهنّ بما فيها من انشغالٍ وشدّةٍ وإرهاقٍ لهنّ تنتهي وتنقضي، أمّا عملهنّ الدّائم في الحقول والشّعاب والبيوت، فإنّه لا ينتهي ولا ينقضي، كلّ يومٍ وطُول العمر. و بَزَى تعني: ربّى، فيقال في الأمثال: «إبزِ القعود يصبح جَمَل» ويقال: «من بزى الرّجال ما اغتلب» ومن مقولات عليّ بن زايد: يا من بَزى ولْد غيرهْ
يصبحْ ودمعهْ همولا ومن تلمْ مالْ غيـرهْ
يخْرجْ وزرعهْ سبولا تعريف-2: البزِيّ: ابن الأخت، وحينما تكون متزوّجةً إلى غير أهلها فإنّ إخوتها وهم أخوال ابنها ينظرون إليه كغريبٍ عنِ الأسرة ودخيلٍ عليها، بل ينظرون إليه بقدرٍ ـ يسيرٍ أو كبيرٍ ـ من عدم الرّضا؛ لأنّه يرث من أموالهم جزءًا ناقلاً هذا من ملكيّة أسرتهم إلى ملكيّة أسرةٍ أخرى بعيدة، وقد لا تكون صديقة. وفي الأوساط الرّيفيّة الحضريّة الّتي لا يسودها التّشدّد القبليّ، لا تُؤخذ ظاهرةُ الودّ المفقود بين الأخوال وابن أختهم الغريب مأخذَ الِجدّ، ولا تكون العداوة الواردة في المثل القائل: «البَزِيّ عدوّ خاله» عداوةً حقيقيّة، بل هم يردّدون حُكماً من أحكام عليّ بن زايد، يقول على لسان البَزِيِّ ثمّ على لسان الخال: يا خالْ لا ماتت امِّيْ أيشَ انت لي، وايش أنا لك؟ أزَوِّجك بالبنَيِّةْ وا كُونْ عَمّك وخالك و(لا) في صدر البيتِ الأوّل بمعنى (إذا). أمّا في الأوساط المتشدّدة، فإنّ العداوة في المثل الّذي يردّدونه تصبح أحياناً عداوةً حقيقيّة، ولهذا يروون عن عليّ بن زايد أيضاً مقولةً مناقضةً للأولى ـ وهذا يدلّ على أنّ ما ينسب إلى هذا الحكيم ليس دائماً صحيحاً ـ فهي تقول: يقُولْ عليْ وَلدِ زايدْ قتلَ البَزِيْ قبْل يِكْبــرْ ولا كُبِرْ عَذّبَ الخــالْ منْ قبل ما يملكَ امرِهْ
ويطلبَ الوِرثْ في الحال أمّا من النّاحية اللُّغويّة، فلا نعرف من أيّ دلالةٍ لُغويَّةٍ جاءت كلمة البَزِيّ بهذا المعنى، وحينما يقول أحدهم في اليمن: «هذا بزيّي» فإنّه لا يعني إلّا: «هذا ابن أختي» ولا يعني «رضيعي» بدلالتها الّتي جاءت في (تاج العروس) كما سبق أبداً . تعريف-3: البَزِيَّة: المرأة العاملة في البيوت، ولا ندري من أيّ دلالةٍ من دلالاتبَزَى يَبْزِي جاءت هذه التّسمية، وهي بصيغة المؤنث منَ البزي الّذي سبق أنّه لا يطلق إلّا على ابن الأخت من قبل أخواله، وبنت الأخت تسمّى البَزيّة، ولكنّ البَزِيّة العاملة في البيوت هي في الواقع خادمة، وليست بنت الأخت في هذه الدّرجة بالضّرورة، صحيحٌ أنّ المرأة قد تتزوّج إلى أسرةٍ فقيرةٍ فإذا كان لها بنتٌ تريد لها حياةً أفضل فقد ترسلها إلى أهلها الأغنياء ليَبْزُوْها ظاهريًّا؛ أي ليحتضنوها ويربّوها فتكون بَزيّةً لهم؛ أي محتضنةٌ عندهم، ثمّ لا تلبث حتّى يكلّفوها بالشّاقّ من أعمال البيت، ثمّ تصبح كالعاملة في خدمتهم، ومن هنا اكتسبت كلمة البَزيّة معنى (الخادمة)، ولكنّ حالةً أو حالاتٍ قليلةً كهذه وإن صلحت للتّفسير اللُّغويّ لاسم البَزِيّة بعَدّها بنتَ أختٍ فقيرةٍ أو أيّ فقيرةٍ أخرى منَ الأسرة الموسرة محتضنةٍ لكفالتها وتربيتها، وسمّيت بَزيّة من بَزى يَبزي الّتي بمعنى احتضن وربّى كما سبق ـ ولكنّها لا تصلح تفسيراً لظاهرةِ البَزايا اللّائي كنّ يعملنَ في معظم بيوت المدن وفي الأرياف، وكان أغلبهنّ من نساءِ المواطنين الفقراء وفتياتهم. ولكنّه من الممكن الافتراض أنّ البدايات كانت احتضاناً للفقيرات منَ الأسرة الغنيّة، عند الأغنياء من الأسرة نفسها، باسم بزاتهنّ وتربيتهنّ فسمّيتِ الواحدة منهن بَزيَّة، وحينما توسّع الموسِرون في استخدام النّساء الأخريات، شملهم الاسم (خادمة) وليس (محتضنة)، وهذا التّطور الّذي يكسب الألفاظ دلالاتٍ مخالفةً لدلالاتها الأصليّة واردٌ في الآليّة الذّاتيّة للّغة وفي آليّة علاقتها بالمجتمع كظاهرةٍ حيّةٍ متفاعلةٍ معه، والأمثلة على هذا كثيرة، وسيأتي مزيدٌ من الأمثلة عليها. هذا والكلمة تأتي في بعض المقولات، فمن ذلك المثل القائل: «بَزيِّةْ تِقُوْلْ: بَيتَنا!» وفيه استنكارٌ على البَزيّة أن تقول عن البيتِ الّذي تعمل فيه إنّه بيتُها، كما لو كانت أحدَ أفراد الأسرة، وفي المثل إيحاءٌ بأنّ البزايا كنّ يفعلن ذلك حينما كان معنى بَزيِّه لا يعني إلّا (محتضنة) أمّا حينما أصبحت دلالةُ بَزِيّة لا تعني إلّا (خادمة) فإنّ قولها: «بيتنا» صار منكراً. ومنَ الأقوال السّائرة حول استمرار بقاء البَزيَّة في عملها رغم مشقّته: «البَزِيَّة ما تجلسْ إلّا سارقِةْ أو عاشِقِة» وكثيراً ما كان يقع شبّان الأسر في هوى البزايا ويقعن في حبّهم، وهذا القول تُردِّدُه ربّات البيوت فيما بينهنّ للتّحذير من طول بقاء البزايا. ومن شعر العاميّة الهزليّ، قصيدةٌ نظمها (الخفنجيّ) معارضاً لبعض القصائد الّتي ينظمها ذوو الخبرات لمواسمِ الزّراعة، وعمد إلى أن جعل صدر البيت حكماً زراعيًّا صحيحا، وعجُزه مجرّد قولٍ هزليٍّ مضحك، تزداد هزليّته بعدم وجود أيّ صلةٍ بين الصّدر والعجُز، وجاء فيها: وفيْ (حَدَاعَشْ) يفْقَعَ التّوْكَبيْ وتِكْبَرَ اجْحارَ البَزايا وشهر أحد عشر هو أوّل شهور الرّبيع، ويفقع: يتفتّح، والتّوكبيّ: البُرْعم، والأجحار: جمع جحرٍ، وهو العجيزة والأرداف، والحقيقة هي أنّه في أوّل شهور الرّبيع تُنوّرُ الأشجار ويتفتّح زهرها.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter