المعجم اليمني

بوق

ب و ق

تعريف-1: البَوْقَة: البَطَر والأشَر بما فيهما من كُفرٍ بالنّعمة واغترارٍ بها، وبما فيهما من مرحٍ ورعونةٍ وطيش، ويقال: باق فلانٌ يَبُوق بوقةً فهو بوّاق ولا نقول: بائق، بل نقولها دائماً بصيغة المبالغة. وقد تكون البَوقةُ محض اعتزازٍ بالنّفس، يدفع صاحبه إلى التّصدّي متبرّعاً لأمرٍ منَ الأمور معتقداً قدرته عليه، وقد يكون ذلك محموداً لمن يفي ويقدر على الفعل، ولمثل هذا يقول المثل: «البَوْقة تشْتيْ بياضْ وَجْهْ»؛ أي التزامٌ وإنجازٌ يجعل المُنبري للأمر يخرج مرفوعَ الرّأس أو أبيضَ الوجه. وفي الحروب قد تكون البَوْقَة هي الاغترار بامتلاك سلاحٍ جيّدٍ يجعل مَن يمتلكه يشعر بقوّةٍ زائدةٍ تلغي حساب الجانب الآخر، ولمثل هؤلاء قال شيخ قبيلةٍ مكفكفاً لغرب المختالين بالسّلاح (من السّريع): قال الفَتَى منْ ذَرْوَةَ (الغادرْ): ياهْلَ (الجراملْ) خلّوَ البَوْقَهْ كمْ منْ فَتَى في المعركه طامِرْ قد النّسُوَر الحايمهْ فَوقْه وأضاف إليه آخرُ زيادةً في التّحذير: دارِهْ على راس اخْوَتِهْ دامِرْ وبُنْدقُهْ بالقاع مَنْذُوقهْ٭ وكم صَبّيهْ شَعْرها حاسِرْ واثوابها لا القاع مَشْقُوْقهْ والجرامل: جمع جَرْملَ، وهي بندقيّةٌ ألمانيّةٌ جيّدةٌ للقنص والرّماية من بعيد، لأنّها بعيدة المدى جيّدة التّصويب. والجرامل ضربان: طويلٌ وقصير، والطّويل طِرَازَانِ (أبو تاج) و(أبو شمس), وفي (أبو تاج) يقول عليّ ناصر القردعيّ بعد فراره من سجنِ الإمام يحيى، وشعوره بالحريّة وبأنّه أصبح بعيداً عن يدِ طالبيه: والقردعيْ قال: هَبَّتْ نَوْد٭َ الافْواجْ وَنا فِيَ لْحَيْدِ متْعَلَّيْ على الأفْجاجْ قانَصْ لذيْ يقْطُفينَ اغْصان الاوتاج وبُنْدُقيْ في يميْني ْ رسمها (بُوتاج) وفي (أبو شمس) قال الرّويشان معبّراً عن زفراتِ الأسيف الحردان وحنينه: حَنّيت ما حَنّت (الشَّرفا) و(طالِب شَرْ) حَنيْنَ (ابُو شَمسْ) ذي له فعْل نَدّارِ والنّدّار٭: المخترق. استطراد والجرامل القصيرة طِرازان، أحسنهما (زاكي كرام) وتسمّى الثّانية جَرملَ قصير)، وفيهما أشعارٌ أيضا. وناجي الغادر صاحب البيتين الأوّلين المحذّرَينِ من البَوقْة، لحياته قصّةٌ تصلح عبرةً للبوقة والبطر، وما يعقبهما من عواقبَ وخيمة، فقبل ثورةِ 1962 م كان يلتقي مع المناوئين لنظام الحكم الإماميّ، وعند قيام الثّورة تمرّد على النّظام الجمهوريّ لأسبابٍ شخصيّةٍ تافهة، وحارب الجمهوريّة وقال في ذلك معبّراً عن عداءٍ شديد (من وزن خاصّ): حَيْدَ (الطّيال) اعْلن ونادَى كُلّ شامخْ في اليمنْ ما بانجَمْهر قط لو نفْنَى منَ الدُّنيا خلاص لو يرجَعَ امْس اليَوم ولّا الشّمس تُشرقْ من(عَدنْ) والأرض تَشعلْ نارْ وامْزان السّما تمطرْ رصاصْ وقوام هذا الوزن: مستفعلن ثماني مرّات في البيت، والتّفعيلة الأخيرة تكون: مستفعلان. وكان يقول للمسؤولين في صنعاءَ إنّه لم يحارب إلّا لوجود الجيش المصريّ في اليمن، وانسحب الجيش المصريّ في أواخر عام67م ولكنّ الغادر لم يجمهر، واستمر على بَوْقَته وبطره، وتمّتِ المصالحة الوطنيّة، وعاد كثيرون من قادة الحرب مع الملكيّين وذابوا في التّيّار الجمهوريّ الجارف، ولكنّ الغادر استمر على تمرّده رغم الجهود الّتي بُذلت لتألّفه، ولم يكتفِ بمن كانوا يحرّضونه ويموّلونه من خارج اليمن، بل فكّر في أن يستغلّ خلافاً نشب بين صنعاءَ وعدن بعد الاستقلال وبسبب التّهرّب منَ الوحدة. فسوّلت له نفسه أن يتّصل بمسؤولِينَ في عدن للعمل معهم ضدّ صنعاء ـ انتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبالعكس فعل الحزب الاشتراكيّ فيما بعد ـ ولله في خلقه حكم ـ فرحّبوا به وطلبوا منه الوصول للّقاء في بيحانَ على أن يحضر معه أكبر عددٍ من مشايخِ خولانَ ومن أصحابه للتّباحث، وأعدّوا له مضافةً تليق بمن تحمل ذمّته دماءً يمنيّةً غزيرة أراقها ببوقته وإجرامه، فكان أن زرعوا المكان المعدّ لاستقباله بالألغام، وأحضر المسؤولون من عدن فرقةً منَ الرُّماة، فلمّا استقرّ المُقام بالغادر وأصحابه، اشتعلتِ الأرض ناراً بالألغام المتفجّرة، وأمطرتهم فرقة الرّماة بالرّصاص للإجهاز عليهم وطلعت عليهم شمس الحقّ من عدن، ومن الغريب أنّه طلب من أصحابه وهم يقتربون من بيحانَ أن يزملوا٭ بقوله: سَلامْ يالحَدَّ المحَرَّزْ مِنْ فَجْ (صافرْ) لا جَنوبِهْ وحِنا سَرَحْنا اليَوم بالله والمجْرمَ اسْتوفَى ذُنوبِهْ وكان يعني بالمجرم الّذي استوفى ذنوبه النّظام في صنعاء، ولكنّ الحقيقة أنّ قوله لم يكن ينطبق إلّا عليه، وذلك هو ما كان من أمر بَوْقته. ومن قرائن النّحس الّتي لازمت حادثة وأصحابها، ما شعر به أحد المشاركين فيها على كره، وهو الشّيخ ناجي بن يحي القاضيّ()، وكان معروفاً بالصّلاح والاستقامة، فلم يرتح لهذا الأمر، وحاول أن يثني المشايخ عمّا هم مقدمون عليه، ولكنّه لم ينجح حتّى في الاعتذار عن الذّهاب معهم، فقال معبراً عن كراهيته للأمر وتشاؤمه منه: ياللهّ طلبناك الرّضا والمغفرةْ يوم الحسابْ باندخُلَ الجنَةْ وِبا يشفعْ لنا طه الحبيبْ بارقْ لَمَعْ من داخِلَ الــ مشرق وبيحان القِصاب في علمه المكنون يعـ ـلمْ ربَّنا من بايِصيب


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter