المعجم اليمني

جيد

ج ي د

تعريف-1: الجِيْدُ في لهجاتنا، هو: الجيِّد في القاموسيّة، لا نقول إلّا الجِيْد ـ بكسرٍ فسكون ـ نصِفُ بها الإنسان وسائر الأشياء الأخرى من عرضٍ وجوهرٍ ماديًّا كان أو معنويّا، فكلّ إنسانٍ يتّصف بالخصال الحميدة فهو: جِيْد. وكلّ عرضٍ صحيحٍ سليمٍ فهو: جِيْد، وكلّ قولٍ صحيحٍ أو رأيٍ سديدٍ فهو: جِيْد. وهذه المادّة مصرّفةٌ في لهجاتنا يقال: جادَ يَجُوْدُ جَوْدَةً فهو جِيْدٌ وهي جِيْدةٌ وهم جِيادٌ وهنّ جِيْدات. وجاء الفعل جادَ وجادوا في قول شاعرٍ قبليٍّ متذبذبٍ من ضربٍ خاصٍّ منَ السّريع:
إِنْ جادُوا اصْحابِيْ فانا مِنْ قَوْمِ حِصْنَ الظَّبْيَتَيْنْ وِنْ جادْ مَوْلانا فِقُلْـ ـنا يا إمامَ القِبْلَتَيْنْ وجاء المصدر جَوْدَةٌ في مثَلٍ يقول: «ما يِحْمِلَ الجَوْدَهْ إلّا كريم». وفي وصف الإنسان بها ترد مقولاتٌ شعبيّةٌ كثيرة، فمن ذلك قول ابن خولان في تعريف (الجِيْد): الجِيْد إنْ غابوا أصحابِهْْ كَفَى وِنْ غابْ ما حَّدْ من اصْحابِهْ كَفاهْ ومن ذلك قول الحكيم عليّ بن زايد: يَقُوْلْ عَلِيْ وَلْدِ زايِدْ مَنِ اتَّزَرْ قالْ قَدِهْ جِيْدْ الجِيْد مَنْ صانْ نَفسِهْ عنِ الحُجَجْ والمَناقِيْدْ وقوله: يَقُوْلْ عَلِيْ وَلْدِ زايِدْ الصّاحِبَ الجِيْد وَسِيْلِهْ٭ يِشَرِّفَكْ في المَحاضِرْ وِحِيْنِما تِحْتَظِيْ٭لِهْ وِحِيْن تِبْدِيْ بَوادِيْ وِفي السِّنِيْنَ المِحِيْلِهْ وقوله: يَقُوْلْ عَلِيْ وَلْدِ زايِدْ اثْنَيْن فُسُوْلْ يِغْلِبُوا جِيْدْ وقوله: إِنْ صاحِبِيْ جِيْدْ فَانَا جِيْدْ وِن صاحبِيْ فَسْلْ ذَلَّيْتْ والوسيلة هنا: الوِسْلَة٭أي: الذّخيرة المدَّخرة للزّمان. وتحتظي٭له: تحتاج إليه، والبوادي: الحوادث الطّارئة. وقوله: يا لَيْتَ لِيْ صاحِباً جِيْدْ مَثلَ الشِّتا لَيْس يِخْلِفْ والشّتاء لا يخلف؛ لأنّه يحلّ في موعده تماماً وهو يوم سبعةٍ وعشرين من سبتمبر المؤرّخ به ـ 14 أيلول الزّراعيّ ـ والنّاس خاصّةً في المناطق الأكثر برداً يلمسون ذلك ويحسّون في هذا اليوم بالفرق في المناخ بين ما قبل ظهره منه وبعده، فيقولون عنِ العصيد الّتي عملت ظهراً وأكلوا منها بعد الظّهر أو في المساء:
«عصدناها في الخريف، وأكلناها في الشّتاء». وجاء الجيد وصفاً للإنسان في عددٍ منَ الأمثال الشّعبيّة، منها قولهم: «الجِيْدْ مَعْرُوْفْ بِشَمْلَتِهْ» وقولهم: «من سَلَّفَ الجِيْدْ ما وَقْتَ القَضا يِعْسِرِهْ» و«باقِيْ جِيْدْ ولا مية جديد» ويقال: «باقي جِيْدْ خيرٌ من جديد» وقولهم: «الجِيْدْ غَطَّى عَوارَ اهْلِهْ»؛ أي: عيوب أهله. ومنَ الأمثال الشّعبيّة الشّعريّة ـ من مجزوء البسيط ـ قولهم: الصّاحِبَ الجِيْدْ وِسْلَهْ٭لِلزَّمانْ والصّاحِبَ النَّذْل ما يِوِّيْ٭ثَمانْ وانظر في هذا الوزن (جبا) و(جفجف). ومنَ الأمثال الشّعبيّة الشّعريّة الكريهة قولهم (منَ المجتثّ): الجِيْد يِوْعِدْ وِيِخْلِفْ والنَّذْل يِوْفيْ بِوَعْدِهْ وجاءت الجِيْد صفةً لما سوى الإنسان، فمن ذلك قول عليّ بن زايدٍ في ثيران الحراثة: لا تِسْهَنُوا٭يا شَفالِيْتْ٭ إنّ الزِّراعَهْ دَلِيِّهْ٭ تِحْتاجْ ثَوْرَيْنْ جِيْدَينْ وِبَيْت دافيْ وِحِيِّهْ٭ وجاءت صفةً للمكان ـ المَرْقَد ـ في قوله: يَقُوْلْ عَلِيْ وَلْدِ زايِدْ الدَّهْرْ هَبَّهْ بِهَبَّهْ أحْيان وِحْنا نِرَوِّحْ وَاحْيانْ لَوْ قُلْت حَبَّهْ وِلَيْلَةً مَرْقَداً جِيْدْ وِلَيْلَةً بالهِجَبَّهْ٭ وِيَوْمْ وانا مُصَبِّحْ وِيَوْمْ قَصًّا٭ وِثَرْبَهْ ونروِّح: نحصد محصولاً وافراً، ونعود بالغلال إلى بيوتنا في آخرِ النّهار، والقصّ: زور الخروف حيث يجتمع اللّحم مع الشّحم والغضاريف، ومن به قَرَمٌ شديدٌ إلى اللّحم فإنّه يجد هذا الجزء منَ الذّبيحة شهيًّا طيّبا. ومن أحسن ما قيل في مدح الرّجل الجِيد: الجِيْدْ لا غابوا اصحْابهْ كَفَى وِنْ غابْ ما احّدْ من اصحابهْ كفاه وغير ذلك كثيرٌ ممّا وردت فيه إحدى صيغ هذه المادّة. وتُجْمعُ جِيْد في قولك: رجلٌ جيدٌ على أجواد، وممّا يغنّى منَ العفويّ قولهم في وصف صدرٍ بالبياض حتّى إنّ بياضه يكاد يشعّ كما لو كانت ذبائلُ السّرُج الزّيتيّة قد أضاءته: لِيْ مَنْعُكُمْ يا اجْواد يا قبايلْ قدْ سرَّجوا تحت الكُعُوْبْ ذبايل و «لي منعكم» يقولها المستجير المهدَّد بالخطر طلباً للحماية، فهو يقول: يا منعاه احموني يا أجواد القبائل. أوما ترون وهج ذلك الصّدر الّذي يبدو كما لو كانوا قد أسرجوا تحت نهديه ذبائلَ مصابيحِ الزّيت!


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter