المعجم اليمني

حرم

ح ر م

تعريف-1: رغم أنّ مادّة (ح ر م) في المعجمات مادّةٌ طويلةٌ وحافلةٌ بالدّلالاتِ المختلفة، إلّا أنّ (الحَرْمَ، بفتحٍ فسكون) والّتي تُصَرَّف فيقال: حَرَمَ فلانٌ الكائنَ الحيَّ أو الشّيء يْحْرِمُهُ حَرْماً وحَرْمَةً فهو حارِمٌ له والشّيء حِرْمٌ ـ بكسرٍ فسكون ـ أو ذهب حِرْما، ويقال في المزيد منها بالهمزة: أحْرَمه يُحْرِمُه إحْراماً فهو حارِمٌ له والشّيء حِرْمٌ أو ذهبَ حِرْما، ويقال في المبني منها على المجهول: أُحْرِمَ وحُرِمَ الشّيء يُحْرَمُ حَرْماً فهو حِرْمٌ أو ذهب حِرْماً أيضا؛ ويقال في اللّازم منها: حَرِمَ الثّور ـ مثلاً أو أيّ حيوانٍ آخر ـ يَحْرَم حَرْماً وحَرْمَةً فهو حَرِمٌ وحارِم، وتسمّى جثّة هذا الحيوان: حَرِمَة، والجمع: حَرِمات.. نعم: إلّا أنّ هذه المادّة بتصريفاتها، وأهمّ من ذلك بدلالاتها، ليس لها ذكرٌ في هذه المعجمات، ولا يمكن شرحُها وفهمُ دلالاتها إلّا من خلال استعمالاتها في اللّهجاتِ اليمنيّة. وفي شرح دلالاتها نبدأ بالفعل اللّازم، فنقول: إنّ حَرِمَ ـ بفتحٍ فكسرٍ، ولا ننطقها بكسرتين ـ يَحْرَم هي بمعنى: نَفَق يَنْفُق؛ أي: هلك أو مات، وهي لا تقال إلّا للحيوان أيّ حيوانٍ كان، سواءٌ ممّا هو حلالٌ أو يُسْتحلّ بالذّبح، أو ممّا ليس حلالا، فيقال ـ مثلاً ـ حَرِمَ الثّورُ يَحْرَمُ حَرْماً وحَرْمَةً فهو حارِمٌ والأكثر فهو حَرِم، وجُثّته تُسَمّى: الحَرِمَة؛ أي: نَفَق؛ وفي المؤنّث يقال ـ مثلاً ـ حَرِمتِ البقرة أو الشّاة ونحوهما، فهي حارِمَةٌ أو فهي حَرِمَة، والجثّة هنا تُسمّى: الحَرِمَة أيضا. وكما يقال هذا فيما هو حلالٌ يقال في غيره، مثل: حَرِمَ الحمارُ وحَرِمَتِ الأتان، وجُثّة كلٍّ منهما تسمّى حَرِمة؛ ويقال في الحَرِمة على الإطلاق: جَرَّ النّاس الحَرِمَة. وألقى النّاس الحَرِمَة, وتناوشتِ النّسور ونحوها الحَرِمة.. إلخ، دون تحديدٍ لجنس هذه الحرِمة؛ لأنّ الكلمة أصبحت اسماً يطلق على الحيوان النّافق أو على جثّته. وفيما هو حلالٌ قد يُستَعمل الفعل المتعدّي في حالاتٍ معيّنة، فيقال: حَرَمَ ـ بفتحتين ـ الذّابحُ الذّبيحة يَحْرِمُها ـ بفتحٍ فكسر: إذا ذبحها ـ مثلاًـ بطريقةٍ مخالفةٍ لشروط الذّبح الشّرعيّ، وهنا تأتي صيغة (الحِرْم ـ بكسرٍ فسكون ـ) وهي صيغة اسم المفعول، حيث يقال: حَرَم الذّابحُ الذّبيحة وأحرمَها فهو حارِمٌ لها وهي حِرْمٌ أو فذهبت حِرْماً لا يستفاد منها ولا تحلّ لحماً ولا جلدا، وأهدرت منفعتها. كما أنّ الفعل المبني للمجهول، قد يستعمل فيما يحلّ من حيوانٍ إذا داهمه موتٌ مفاجئٌ وتأخّر النّاس عن استحلاله بالذّبح، فيقال ـ مثلاً ـ: تردّى الثّورُ وحُرِم، أو أُحْرِم؛ أي إنّه كان حيًّا بعد تردّيه ولكنّه لم يستحلّ بالذّبح فحُرِم، وذهب حِرْما؛ أي إنّ اسم المفعول في المبني للمجهول بوزنه في المتعدّي، كما أنّه يقال في الأشياء، إذا هي أُحْرِمَت بفعل فاعلٍ فذهبت حِرْماً كما سيأتي. هذا و(الحَرمُ) و(الإحْرامُ) يقع أيضاً على كلّ ما ينتفع به الإنسان من طعامٍ أو شرابٍ أو متاع، وذلك إذا هو أفسِد وأُهدر وأُبطلت فائدتُه على أيّ نحوٍ من الأنحاء، ولا يكون الفعل فيه إلّا متعدّياً مبنيًّا للمعلوم أو للمجهول، يقال ـ مثلا ـ: أحْرَمَ القاطف هذه الفاكهة يُحْرمها إحراماً فهي حِرْمٌ وذهبت حِرْماً، وذلك إذا هو قطفها قبل أوانها ونحو ذلك ممّا يبطل الانتفاع بها ويفسدها ويهدرها ويذهبها حِرْماً لا فائدة منه، وهذا ونحوه كثيرٌ في كلام النّاس. كما أنّ (الحَرْمَ) و(الإحْرامَ) يقع أيضاً بين الأعداء والخصوم، فالعدوّ الّذي يعجز عنِ الاستيلاء على أنعام عدوّه، فإنّه قد يُحْرِمُها بالعقر والقتل، فيذهب بها حِرْما، لا يعود فيها نفعٌ لصاحبها، ولا انتفع بها هو لو أنّه سلبها، والخصوم قد يعمدون إلى حِرْم زُروع خصومهم وحَرْمِ غروسهم، وذلك بالإتلاف والاقتلاع، والذّهاب بها حِرْماً مهدراً لا نفعَ فيه لأحد. والآمر في حربٍ قد يقول لأتباعه: إذا لم تتمكّنوا من أخذ ذاك أو ذلك منَ الأشياء الخاصّة بالعدوّ منَ الممتلكات فاحْرِموه، أي أحرموا الشّيء بإتلافه على أي نحوٍ بحيث يذهب هدرا، وينتفي وجوده بانتفاء ما وجد من أجله. وليس في لهجتنا شيءٌ منَ (الحَرْم) و(الإحْرام) فيما يتعلّق بالحياة الإنسانيّة، ولا فيما يتعلّق بحَرْم المدن، ولكنّ الاستعمالاتِ السّابقة الآتية في اللّهجات اليمنيّة، من مادّة (ح ر م) هي الوحيدة الّتي تفسّر هذا (الحَرْمَ) وتبيّن دلالاته.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter