المعجم اليمني

دمم

د م م

تعريف-1: الدِّمُّ، بكسر الدّال وميمٍ مضعّفة: القطّ. والجمع: أَدْمِم، بفتحٍ فسكونٍ فكسر, والدِّمَّة: القطّة, والجمع: دِمَمْ، بكسرٍ ففتح, وأشهر أسماء القطط في اليمن: (الدّم ـ في الشَّمال ـ)، و(النّسَم ـ في الوسط ـ)، و(العُرار ـ في الجنوب وتهامة ـ) و(الهرّ) في بعض مناطق الكلاع وشرعب ولم أسمع القطّ ولا السّنّور، والمقولات ـ أمثال وغيرها ـ الّتي يرد فيها اسم هذا الحيوان، تروي في كلّ منطقةٍ باللّفظ الّذي يطلق اسماً للقطّ فيها. وأورد بعضها هنا بلفظي (الدّمّ) و(الدّمّة) . وانظر: (نسم) و(عُرار). فمنَ الأمثال قولهم: «لا تشرِّح الدِّمَّ الثّربة»، أو «ما احَّدْ يِشَرِّح الدِّمَّ الثّربة»، والتَّشْرِيْح أو الشِّرّاح٭ بمعنى الإيداع، من مادّة (شَرَحَ) بمعنى: حمى وحفظ، وهي مادّةٌ لُغويّةٌ قديمةٌ وردت بعددٍ منَ الصّيغ في عددٍ من نقوش المسند اليمنيّ القديم، ولا تزال شائعةً على ألسنتنا بمختلف صيغها إلى اليوم، والثّربة: القطعة منَ الثّرب، وهو: الشّحم قاموسيًّا وفي لهجاتنا، وتخصّصها بعض لهجاتنا بشحم الإلية. والمثل يضرب في التّحذير من إيداع الشّيء عند من لا يؤتمن عليه, وجاء في الأمثال: « إذا غاب الدّم لعب الفار»، أو « غاب الدّم العب يا فار». ومعناه معروف، يقال: تقنبع الفار بدلاً عن لعب الفار.. ومنَ الأمثال: « عداوة الدّم والفار»، أو: «بينهم ما بين الدّم والفار». ومنَ الأقوال السّائرة: «الدِّمّه المِنْكِرِه» وتستعمل أيضاً كمثلٍ يضرب لمن لا يرعى معروفا، وقد وصفتِ الهرّة بقلّة الوفاء وعدم العرفان بالجميل، انطلاقاً من مقارنة سلوكها بسلوك الكلاب، فالكلب إذا أكل في البيت ورعاه أهله، التزم بالوفاء الكامل لهم، حتّى لو غابوا عنِ البيت، فإنّه لا يهجره ويتحمّل الجوع والعطش في سبيل ذلك، أمّا القطط فإنّها قد تعيش في هذا البيت أو ذاك ردحاً منَ الزّمن، فإذا غاب عنه أهله، أسرعت بهجره، بل إنّها تكون في بيتٍ زمنا، فإذا وجدت طعاماً أفضلَ في بيتٍ آخرَ هجرتِ البيت الأوّل وأهله حتّى ولو هم لم يغيبوا ولا توقّفوا عن إطعامها، ولهذا يقال لمنكر الجميل إنّه مثل: «الدّمّه الِمِنْكِره» الّتي ليس في طبيعتها الوفاء. ويقال: إذا قبّع القطّ أمامك وفتح عيناً وأغمض الأخرى فلا تظنّ بأنّه معجبٌ بك، ولكنّه يأسف لأنّك أكبرُ من أن يصيده. ومنَ الأمثال: «دِمِّه بسبع انْفِسْ» يقال لمن يصبر ويتجلّد، وكلّما ظنّ أنّه سينقضي يبقى ثابتاً ومقاوما، ومنها «إذا ما وصل الدّمْ للخفيفه، قال جيفه» والخفيفة الرّئة. ومنَ الأقوال السّائرة: «ذِيْ ما مَعَه هِمّهْ يِحبَّ الدِّمّه». وذلك أنّ بعض أفراد منَ النّاس، قد يتعلّقون بهذه الدّمّة أو بذلك الدّمُّ في بيوتهم، فيظلّ يلاعب دمّته ويمسّحها وينشغل بها، فإذا أفرط عيّروه بذلك, وتصلح العبارة مثلاً يضرب لمن ينصرف عن واجبٍ من واجباته وينشغل بشيءٍ آخر، ولعلّ العبارة من أقوال النّساء اللّائي ينصرف أزواجهنّ عنِ الاهتمام بهنّ متشاغلين بأمرٍ آخر. ومنَ المقولاتِ السّائرة تشبيه شخصٍ ما بأنّه مثل: «دِمّ بيت العفاريّ»، ويروون لهذا الدِّمّ قصّةً تقول: إنّ هذا الدّمّ تعرّض لانحباس ٍطويل وانقطاع عن ِالطّعام حتّى بلغ به الجوع أقصى مدى، ولما قُيّض له الخروج من محبسه، توجّه توًّا إلى مخزن الحبّ والمؤن في بيت صاحبه (العفاريّ)، وصادف أن وجد المخزن يغصّ بأعدادٍ كبيرةٍ وكثيرةٍ منَ الفئران، فانتابه لذلك فرحٌ وانفعالٌ شديد، حتّى خرّ ميتاً من شدّة فرحه وانفعاله. وتضرب العبارة مثلاً لمن يحرم طويلاً من أمرٍ ما، ثمّ يرى نفسه فجأة وهو أمام مقاديرَ لم يكن يؤمّلها من ذلك الشّيء، فيقال له: لا تكن مثل دم بيت العفاري. ويقال أيضاً لمن قيّض له هذا القدر الكبير ممّا كان يحلم به، ولكنّه يعجز عنِ الاستفادة منه لاضطرابه: فيقولون إنه «وقع مثل دِمّ بيت العفاريّ»؛ أي: وقع في مثل موقفه. ومنَ الأمثال أيضاً: «دِمّ الويل يدّي لك حنش»، ومنها: «الدِّمّ إذا ما وصلش لِلرِّية يقول: جيفة» وهو بمعنى مثل: الثّعلب والعنب والحصرم. «الدّمّ الامحط يخدم سيّده ليلة المرق»، والأمحط: منتوف الشّعر، ويضرب فيمن لا ينفعك إلّا إذا بلغ منتهى التّعاسة. «دِمّ ينازع وعينه في القفاع»، والقفاع: الزّنابيل يوضع في بعضها أكل. وعبارة: «الدّم في بيته مفدم» تضرب مثلاً في شديد البخل فهو يفدم الدّم كما يفدم الجمل حتّى لا يأكل. وفي الأمثال أيضاً « الدّم يحب خانقه». و« ذي ما معه همّه يلاعب الدّمّه» والهمة: يعبّر به عنِ الرّغبة الجنسيّة. استطراد وللدِّمِّ ذكرٌ عابرٌ في المعجمات المطوّلة مع إشارةٍ إلى إطلاقها على القطّ، ولكنّ ما جاء عنها في لسان العرب مادّة (د م ي = دمي) ـ ليس إلّا كما يأتي: والدّمُ: السِّنَّور. حكاه النّضر في كتاب الوحوش، وأنشد كراع: كذاك الدَّمُ يأدو للعكابر وإلى جانب هذا الذّكر العابر فإنّنا نجد عدداً منَ الاختلافات عمّا هو في لهجاتنا ممّا سبق ذكره.. ومنها ما يلي: 1 ـ جاءت في اللّسان بفتح الدّال، وهي عندنا بكسرها. 2 ـ جاءت ميمها مخفّفة الحركة، وهي عندنا بالتّضعيف. 3 ـ عدّها اللّسان ثنائيّة الحروف على حذف حرفها الثّالث، مثل كلمة (يد من يدي) و(دم من دمي، وهو الدّم المعروف).. إلخ، ولهذا السّبب أوردها في مادّة (د م ي = دمي)، أمّا عندنا فهي مثلّثةٌ وليس فيها حذف، لأنّ ميمها مضعّفةٌ والمضعّف حرفان، فتكون من مادّة (د م م) وقد أوردتها هنا لهذا الاعتبار. 4 ـ ولا شكّ أنّ (ابن منظور) هو من هو علماً وإحاطةً وحصافةً ولكنّ ذلك لا ينفي أنّ صدى هذه الكلمة قد وصل إليه أو إلى من يروي عنهم ضعيفاً مشوّشا، فلم يقل فيها غير ما قال، وكان ما كان من أمر ضبط دالها بالفتح، واعتبار ميمها مخفّفةً وجعلها ثنائيّة، ثمّ افتراضٌ ثالثٌ لحروفها هو الياء، ثمّ إيرادها تبعاً لذلك في (دمي) .. وهي كلّها أمورٌ قابلةٌ للمراجعة، خاصّةً إذا تذكّرنا ذلك الجدار الّذي وضعه اللُّغويّون الأوائل بينهم وبين كلام أهل اليمن ولهجاتهم وما فيها من صحيح اللّغة وفصيحها ممّا لا يوجد له مقابلٌ في اللّهجاتِ الشَّمالية نظراً لاختلاف الأوضاع الحياتيّة في اليمن عنها في الشَّمال، وممّا يمكن إيراده هنا من ملاحظاتٍ ما يلي: أوّلاً: أنّ أوّل ذكرٍ لكلمة (الدّم) في تراثنا يأتي على لسان الهمدانيّ وبقلمه، حيث تكلّم عن أسطورة تهديم الفئران لسدّ مارب، وتطرّق إلى أسطورة ربطهم لـ (دمٍّ) كبيرٍ بقرب السّدّ لاصطياد الفئران، وذكر أنّ ذلك المكان لا يزال يسمّى حتّى زمنه باسم (مربط الدِّمِّ)، وهو بهذا الذّكر يوردها كما ننطقها اليوم. ولا شكّ أنّ الهمدانيّ حجةٌ في اللّغة أيضا. ثانياً: ألا نلاحظ أنّ ضبط اللّسان للكلمة بفتح الدّال مع ميمٍ مخفّفٍ لا يتناسب مع ما عرف للقطّ منَ الأسماء في لغتنا القاموسيّة. حيث نلاحظ أنّ كلمات (هرّ) و(قطّ) و(بسّ ـ وهي فصيحةٌ ـ) كلّها ثلاثيّةٌ بتضعيف حرفها الثّاني، وكلّها بكسر أوّل حروفها، حتّى (السِّنَّور) يكون بكسر أوّله وإن كان وزنه مغايرا. ثالثاً: استشهد ابن منظورٍ بشطر بيتٍ منَ الشّعر العربيّ هو: (كذاك الدَّمُ يأدو للعكابر) والشّطر من بيتٍ أو أبياتٍ منظومةٍ على (الوافر) ومقياسه التّفعيليّ هو: (مفاعلتن / مفاعلتن/ فعولن) في كلّ شطر، فإذا أعدنا النّظر، أو شطّرنا بالتّفعيلات هذا الجزء من بيتِ الشّعر، فإنّنا سنجده مختلًّا من حيث الوزن، وليس الاختلال آتياً فيه إلّا من قبل تخفيف ميم (الدِّمّ)، فلو ضعّفنا الميم لصارتِ التّفعيلة الأولى هي (مفاعلتن) بدلاً عن (مفاعلتُ) الّتي يعتورها خللٌ عَروضيٌّ ليس من جوازات هذا البحر، فتأمّل! ولعلّ هذا يكفي للبرهنة على أنّ نطقنا الّذي لا يزال سارياً على ألسنتنا منذ القديم لكلمتيّ (الدِّمّ) و(الدِّمَّة) هو النّطق الصّحيح، ومثل هذا كثير. تعريف-2: الدَّمَّمُ وعند الهمدانيّ الدُّمْوَم: اسم قريةٍ بالقرب من ريعان ثمّ من مخلاف (مأذن) .


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter