المعجم اليمني

شجي

ش ج ي

تعريف-1: شَجَى فلانٌ الباب يَشْجِيْه شَجْياً وشَجْيَة: إذا هو فتحه فتحةً خفيفةً لينظر إلى الخارج إذا كان في البيت، أو لينظر إلى الدّاخل إذا كان قادما. والباب المَشْجِي، هو ما فتح على ذلك النّحو، أمّا الباب (الشّاجِي) أو النّافذة الشَّاجية، وغطاء الصّندوق الشَّاجي ونحو ذلك، فهو: الّذي لم يُتْقَنْ صنعه، فهو غير محكمٍ ولا ينقفل بشكلٍ جيّد، وممّا قاله الشّيخ عليّ ناصر القردعيّ عندما فرَّ من سجن الإمام يحيى في القصر بصنعاء: وَانا احْمَدَكْ يا الّذي سَهَّلْتْ مِخْراجِيْ مِنْ حَبْسْ فِيْهْ الرَّسَمْ وَالْقَيْدْ والحِرّاجْ وِسَبْعَهَ اْبوابْ ما فَيّاتِهِنْ شَاجِيْ ومُبْهَـماتَ القُفُـوْلْ السُّـوْدْ للصِّنّاجْ وَانا احْمَدَ اللهْ هَبِّتْ فَوْجَ الافْواجِ وانا فيَ الْحَيْدْ مِتْرَقِّبْ معَ الأبْهاجْ والْيَوْم قَدْنِيْ عَلى راحَهْ وِبِرهاجِ وِبُنْدُقِيْ في يَميِني رَسْمَها (بُوْتاجْ) وهي طويلةٌ لا أحفظها، ونسيجها على هذا النّحو القبليّ البدويّ المتين، والرَّسَم: الحرس, والحِرّاج: التّحريج, ما فَيّاتِهِنْ: ما فيهنّ أو ما بينهنّ بابٌ شاجٍ, والصِّنّاج: صيغة مبالغةٍ منَ الصّنج وهو: الإغلاق المحكم بالرّتاجات, (بُوتاج)؛ أي: أبو تاج، وهي بندقيّةٌ ألمانيّةٌ طويلة المجرى ـ الماسورة ـ عليها صورة تاج، وكانت من أفضل البنادق لبعد مداها ودقّة تصويبها ولأنّها لا تسخن سريعاً فلا تلَزِّج٭أو تلحج٭؛ أي: تمتنع على الفتح والإغلاق بسبب تمدّد أجزائها بالحرارة … إلخ. وهذه كانت منَ المقاييس الشّعبيّة القبليّة لجودة البنادق ولا تزال.


استطراد السّلاح من أحبّ المقتنيات إلى نفوس كثير منَ اليمنيّين، وإنّ أحدهم ليبيع أعزّ ما يملك ليقتني بندقيّة، وقبل أوائل السّتينيّات من هذا القرن، كان السّلاح غير رائجٍ في الأسواق، كما كان باهظَ الثّمن وَفقاً لما كان متاحاً منَ القدرات الشّرائيّة، ولهذا لم يمتلك السّلاح النّاريّ الجيّد إلّا القادرون من رجال القبائل، وكبار الفلّاحين والملّاك المتوسّطين والكبار والمشايخ وأصحاب الجاه، ولهذا كان انتشاره كبيراً بالمقارنة مع شعوبٍ وبلدانٍ أخرى، ولكنّه لم يكن بهذا الانتشار المروّع الّذي ساد منذ بداية السّتينيّات، حتّى نستطيع القول إنّه ما من بيتٍ إلّا وفيه سلاحٌ بحدٍّ أدنى هو بندقيّة، وحدودٍ قصوى تتفاوت بين أكثر من قطعةٍ إلى أعدادٍ قد تتجاوز العشر بل والعشرات، وتتدرّج منَ البندقيّة غير الآليّة إلى نصف الآليّة إلى الآليّة، مع وجود بعض الرّشّاشاتِ الخفيفة والمتوسّطة وحتّى الثّقيلة في هذا البيت أو ذاك, ورغم هذا الانتشار الّذي يقلّ إن لم ينعدم نظيره، إلّا أنّ نسبة أعمال العنف والسّطو والقتل والإرهاب ليست منتشرةً في اليمن ذلك الانتشار الّذي نجده في بعض البلدان المشابهة بل والأكثر تقدّما، وذلك لأنّ الإنسان تعوّد على حيازة السّلاح، ويلازمه منذ ـ قرونٍ طويلة ـ سلاحه الشّخصيّ ممثّلاً في (الجنبيّة) الّتي لا تفارقه، وقد حكمت قضيّة حمل السّلاح عاداتٌ وتقاليدُ وأعرافٌ بل وتشريعاتٌ شعبيّةٌ مقرّرةٌ ومستقرّةٌ حتّى لقد أصبحت قيماً أخلاقيّة، ومعاييرَ للرّجولة والحكمة والتّحكّم بالنّفس وبها يقاس الرّجال. ولكنّ هذا الحكم الإيجابيّ حول هذه الظّاهرة، لا ينطبق إلّا على ما مضى منَ الزّمن حينما كان المجتمع اليمنيّ له من الصّفات ما يجعله قادراً بِقِيَمِهِ على ضبط الأمر والتّحكّم فيه، أمّا في العصر الحاليّ فإنّ التّطوّرات الاجتماعيّة وتبدّلاتِ القِيم والمعايير، هو منَ القوّة بحيث يزيل أسس التّحكّم فيها، فلا يبقى منها إلّا السّلبيّات الخطيرة.


المعجم اليمني في اللغة والتراث بواسطة: أرشيف اليمن twitter